يجيز المُصعبُ أمانَ عُبيد الله، فَلحق مالك بثأج، فقال الفرَزْدق يَذكر مالكًا ولُحوقَ التميميَّة به وبخالد:
عجِبْتُ لأقوامٍ تميمٌ أَبُوهُمُ ... وهُمْ في بني سعدٍ عِظامُ المَبارِكِ
وكانوا أعزَّ الناسِ قبل مَسيرِهِمْ ... إلى الأزْد مُصْفَرًّا لِحاها ومالكِ
فما ظَنُّكم بابن الحَوارِيِّ مُصْعَبٍ ... إذا افترَّ عن أَنيابِه غيْرَ ضاحِكِ
ونحنُ نفَيْنا مالكًا عن بِلادِه ... ونحن فَقَأنا عَيْنَهُ بالنَّيَازِك
(٦/ ١٥٣ - ١٥٤).
قال أبو زيد: فزعم المدائنيّ وغيرهُ من رُواة أهل البَصْرة أنّه أرسَل إليهم فأتِيَ بهم، فأقبل على عُبيد الله بن أبي بَكرة، فقال: يا بنَ مَسْروح، إنَّما أنت ابنُ كَلْبة تعاوَرُها الكلاب، فجاءت بأحمر وأسوَد وأصفرَ من كلّ كلب بما يُشبهه، وإنَّما كان أبوك عبدًا نَزل إلى رسول الله - صلي الله عليه وسلم - من حصن الطائف، ثم أقمْتم البيِّنة تدّعون أن أبا سُفْيانَ زنى بأمِّكم، أما والله لئن بقيتُ لألحقنكم بنَسبكم، ثمّ دعا بحُمْران فقال: يابن اليَهوديّة، إنَّما أنت علْج نَبطيّ سُبيت من عَيْن التَّمر.
ثمّ قال للحَكَم بن المنذر بن الجارود: يا بنَ الخَبيث، أتَدري مَن أنت ومن الجارودُ! إنَّما كان الجارودُ علْجًا بجزيرة ابن كاوَان فارسيًّا، فقطع إلى ساحل البحر، فانتمى إلى عبد القيس، ولا والله ما أعرف حَيًّا أكثرَ اشتمالًا على سَوْءة منهم، ثمّ أنكَح أختَه المُكَعْبر الفارسيّ فلم يُصب شرَفًا قطّ أعظم منه، فهؤلاء ولدُها يا بن قُباذ، ثمّ أتِيَ بعبد الله بن فضالة الزّهرانيّ فقال: ألستَ من أهل هَجَر، ثمّ من أهل سَماهيج! أما والله لأرُدّنَّك إلى نَسَبك، ثمّ أتي بعليّ بن أصمع، فقال: أعَبْد لبني تميم مرّةً وعَزْيٌ من باهلة! ثمّ أتِيَ بعبد العزيز بن بشْر بن حَنَّاط فقال: يا بن المشتور، ألم يسرق عمُّك عنزًا في عهد عمرَ؛ فأمر به فسيِّر ليقطعه! أما والله ما أعنتَ إلا من يَنكح أختَك - وكانت أختُه تحت مقاتل بن مِسمَع - ثم أتِيَ بأبي حاضر الأسدّي فقال: يا بن الإصْطَخريّة، ما أنتَ والأشراف! وإنما أنت من أهل قطَر دَعِيٌّ في بني أسَد، ليس لك فيهم قريب ولا نسب، ثم أتيَ بزياد بن عمرو فقال: يا بن الكَرْمانيّ، إنَّما أنت عِلْج من أهل كَرْمان قطعت إلى فارسَ فصرتَ مَلّاحًا، ما لكَ وللحَرْب! لأنْتَ بَجرّ القَلْس أحذْقُ، لمّ أتِيَ بعبد الله بن عثمانَ بن أبي العاص فقال: أعَلَيّ تَكَشِّر وأنت علْج