من أهل هَجَر، لحق أبوك بالطَّائف وهم يضمّون من تأشَّب إليهم يتعزَّزون به! أما والله لأردنَّك إلى أصلك، ثم أتِيَ بشَيْخ بن النُّعْمان فقال: يا بن الخبيث، إنَّما أنت علْج من أهل زَنْدَوَرْد، هَرَبت أمك وقُتل أبوك، فتزوّج أختَه رجلٌ من بني يشكر، فجاءت بغلامين، فألحقنَاك بنسبَهما، ثم ضربهم مئةً مئة، وحلَّق رؤوسهم ولحاهم، وهدمَ دُورهم، وصهِرَهم في الشَّمس ثلاثًا، وحملهم على طلاق نسائهم، وجمَّر أولادَهم في البُعوث، وطاف بهم في أقطار البصرة، وأحلفهم ألّا يَنكحوا الحَرائر، وبعث مُصعبٌ خداشَ بن يزيدَ الأسَديّ في طلب من هَرَب من أصحاب خالد، فأدرَك سُرّة بن مَحْكانَ فأخذه، فقال مُرّةُ:
بني أَسَدٍ إن تَقْتلوني تُحاربُوا ... تميمًا إذا الحرب العَوَانُ اشمَعَلَّتِ
بني أَسد هَلْ فيكُم من هَوَادَةٍ ... فَتعْفُونَ إنْ كانتْ بيَ النَّعلُ زَلَّتِ
فلا تَحْسبِ الأَعْداءُ إذ غبتُ عَنْهُمُ ... وأُوريِتُ مَعْنًا أنَّ حربيَ كلَّت
تَمشَّى خِدَاشٌ في الأَسِكَّة آمِنًا ... وقد نَهَلَتْ مِنَي الرِّماحُ وعَلَّتِ
فقرّبه خداش فقتله - وكان خِداش على شُرْطة مُصعب يومئذ - وأمر مصعب سنانَ بن ذهل أحد بني عمرو بن مَرْثَد بدار مالك بن مسمَع فهدَمها. وأخذ مُصعب ما كان في دار مالك، فكان فيما أخذ جارية ولدتْ له عمرَ بن مُصعَب، قال: وأقام مُصعَب بالبصرة حتى شخص إلى الكوفة، ثم لم يزل بالكوفة حتى خرج لحرب عبد الملك، ونزل عبدُ الملك مسكَن، وكتب عبدُ الملك إلى المَرْوانيَّة من أهل العراق، فأجابَه كلُّهم وشرطُوا عليه ولاية أصبهان، فأنعَم بها لهم كلهم، منهم حَجَّار بنُ أبجرَ، والغَضْبان بن القَبعْثرَى، وعتاب بن ورقاء، وقطن بن عبد الله الحارثي، ومحمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس، وزَحْر بن قيس، ومحمَّد بنُ عُمير، وعلى مقدّمته محمَّد بن مروان، وعلى ميمنته عبدُ الله بنُ يزيدَ بن معاوية، وعلى ميسرته خالدُ بن يزيدَ، وسار إليه مصعب وقد خذَله أهلُ الكوفة.
قال عروة بن المغيرة بن شُعبة: فخرج يسيرُ متَّكئًا على مَعرَفة دابَّته، ثمَّ تَصفَّح الناس يمينًا وشمالًا فوقعت عينُه عليّ، فقال: يا عُرْوة، إليّ، فدنوتُ منه، فقال: أخبرني عن الحسين بن عليّ، كيف صَنَع بابائه النزول على حُكم ابن زياد وعَزمه على الحرب؟ فقال: