لمَّا قُتِل أخوه، فقال البَعيثُ اليَشْكُريّ بعد قتْل مُصعَب يَذكرُ ذلك:
ولما رأينا الأَمر نكْسًا صُدُورُهُ ... وهمّ الهَوادِي أن تكُنَ توالِيا
صَبَرْنا لأمر الله حتَّى يُقيَمهُ ... ولم نَرْضَ إلَّا مِنْ أُمَيَّةَ واليا
ونحْنُ قَتَلنا مُصْعَبًا وابنَ مُصْعبٍ ... أخَا أَسَدٍ والنَّخَعِيَّ اليمانِيَا
ومرّتْ عُقَابُ الموتِ مِنَّا بمسِلمٍ ... فأهْوَتْ له نابًا فأصبَحَ ثَاويَا
سقَيْنا ابن سيدانٍ بكأْسٍ روِيَّةٍ ... كَفَتَنْا، وخيرُ الأَمر ما كان كافيا
(٦/ ١٥٩ - ١٦٠)
حدّثني أبو زيد، قال: حدّثني عليّ بنُ محمد، قال: مَرّ ابنُ ظَبْيَان بابنة مطرِّف بالبصرة، فقيل لها: هذا قاتلُ أبيك، فقالت: في سبيل الله أبي، فقال ابنُ ظَبْيان:
فلا في سبيلِ الله لاقَى حِمَامَهُ ... أَبُوكِ ولكنْ في سبيلِ الدَّرَاهِم
فلمَّا قُتل مُصعب دعا عبدُ الملك بنُ مروان أهلَ العراق إلى البيعة، فبايَعوه، وكان مُصعَب قُتل على نهر يقال له الدّجَيْل عند دَيْر الجاثَلِيق فلمَّا قُتل أمَرَ به عبدُ الملك وبابنه عيسى فدُفِنا. (٦/ ١٦٠).
ذكر الواقديّ عن عثمان بن محمَّد، عن أبي بكر بن عُمَر، عن عروة قال: قال عبدُ الملك حين قُتِل مُصَعب: وارُوهُ فقد والله كانت الحُرْمة بيننا وبينَه قديمةً، ولكن هذا المُلْك عقيم. (٦/ ١٦٠ - ١٦١).
قال أبو زيد: وحدّثني أبو نعيم، قال: حدّثني عبدُ الله بنُ الزّبير أبو أبي أحمَد، عن عبد الله بن شريك العامريّ، قال: إني لَواقفٌ إلى جنب مصعب بن الزّبير فأخرجتُ له كتابًا من قَبائي، فقلتُ له: هذا كتابُ عبد الملك، فقال: ما شئتَ، قال: ثم جاء رجلٌ من أهل الشام فدخل عسكره، فأخرجَ جارية فصاحت: واذُلّاه! فنظر إليها مُصعَب، دمّ أعرَض عنها.
قال: وأتِيَ عبدُ الملك برأس مُصعب، فنظر إليه فقال: متى تَغذو قريشٌ مِثلَك! وكانا يتحدّثان إلى حُبَّى، وهما بالمدينة، فقيل لها: قُتِل مصعب، فقالتْ: تَعِس قاتِلُه! قيل: قتله عبدُ الملك بنُ مروان، قالت: بأبي القاتلُ والمقتول!