حدّثني الحارث، قال: حدّثني ابنُ سعد، قال: أخبرني محمَّد بن عمر، قال: أخبرنا ثورُ بنُ يزيدَ عن شيخ من أهل حِمْصَ شهد وقعة ابن الزبير، مع أهل الشام، قال: رأيتهُ يوم الثُّلاثاء وإنَّا لنطلع عليه أهل حمص خمسمئة خمسمئة من باب لنا نَدخلُه؛ لا يدخله غيرُنا، فيخرج إلينا وحدَه في أثرنا، ونحن منهزِمون منه، فما أنسىَ أرجوزةً له:
إنِّي إذا أَعْرِفُ يومِي أصبِر ... وإنَّما يَعْرِف يَوْمَيْهِ الحُرّ
إذْ بعضُهمْ يَعرِف ثم يُنكِرْ
فأقول: أنتَ والله الحرّ الشريف، فلقد رأيتُه يقف في الأبْطح ما يدنو منه أحدٌ حتَى ظننَّا أنَّه لا يقتَل. (٦/ ١٩٠).
حدّثني الحارث، قال: حدّثنا ابنُ سعد، قال: أخبرنا محمَّد بنُ عمر، قال: حدّثنا مصعب بن ثابت؛ عن نافع مولى بني أسد، قال: رأيتُ الأبوابَ قد شُحِنت من أهل الشام يوم الثلاثاء، وأسلم أصحابُ ابن الزّبير المحارس، وكثرهم القومُ فأقاموا على كلّ باب رجالًا وقائدًا وأهل بلد، فكان لأهل حمص الباب الَّذي يواجه بابَ الكعبة، ولأهل دمشقَ باب بني شَيْبة، ولأهل الأرْدن باب الصّفا، ولأهل فِلَسطين باب بني جُمَحْ، ولأهل قِنَّسْرين باب بني سَهْم، وكان الحجَّاج وطارق بن عمرو جميعًا في ناحية الأبطح إلى المروة، فمرّة يَحمِل ابنُ الزبير في هذه الناحية، ومرة في هذه الناحية، فلكأنَّه أسدٌ في أجَمة ما يُقدِم عليه الرّجال، فيعدو في أثَر القوم وهم على الباب حتَّى يُخرِجَهم وهو يرتجز:
إنّي إذا أعْرِف يومِي أَصبرْ ... وإنَّما يَعرف يومَيْه الحُرُّ
ثم يصيح: يا أبا صفوان، ويلْ أمِّه فتحًا لو كان له رجال!
لو كانَ قِرْني واحِدًا كفَيْتُهْ
قال ابن صفوان: إي والله وألف. (٦/ ١٩٠ - ١٩١).
حدّثني الحارث، قال: حدّثنا ابنُ سعد، قال: أخبرنا محمّد بن عمرَ، قال: فحدَّثني ابنُ أبي الزّناد وأبو بكر بنُ عبد الله بنِ مصعب، عن أبي المنذر، وحدّثنا نافع مولى بني أسد، قالا: لمَّا كان يوم الثلاثاء صبيحةَ سبع عشرة من جُمادَى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وقد أخذ الحجَّاجُ على ابن الزبير بالأبواب،