حدّثنا عمر، قال: حدّثنا أبو الحسن عن رجاله، قال: كأني أنظر إلى الزبير، وقد قتل غلامًا أسوَد، ضَرَبه فعرقَبه، وهو يمرّ في حملتِه عليه ويقول: صَبْرًا يا بن خام، ففي مثلِ هذه المواطن تَصْبر الكرام! (٦/ ١٩٢).
حدّثني الحارث، قال: حدّثنا ابن سعد، قال: أخبَرَنا محمَّد بن عمر، قال: حدثني عبد الجبار بنُ عُمَارة عن عبد الله بن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزْم، قال: بعث الحجَّاجُ برأس ابنِ الزّبير ورأسِ عبدِ الله بن صفْوان ورأس عُمارة بن عمرو بن حزم إلى المدينة فنصبتْ بها، ثم ذُهِب بها إلى عبد الملك بن مروان، ثمّ دخل الحجَّاج مكَة، فبايع مَن بها من قريش لعبد الملك بن مروان. (٦/ ١٩٢ - ١٩٣)(١).
قال أبو جعفر: وفي هذه السنة ولَّى عبدُ الملك طارقًا مولى عثمان المدينة فوليَها خمسةَ أشهر.
وفي هذه السنة تُوفّيَ بشِرُ بن مروانَ في قول الواقديّ، وأمَّا غيرُه، فإنَّه قال: كانت وفاته في سنة أربع وسبعين.
وفيها أيضًا وَجَّه - فيما ذُكر - عبد الملك بن مروان عمر بن عبيد الله بن معمرَ لقتال أبي فُدَيك، وأمره أن يندب معه من أحبّ من أهل المِصْرين، فقدِم الكوفة فندب أهلها، فانتدب معه عشرةُ آلاف، ثم قَدِم البَصْرة فندب أهلها، فانتدب معه عشرةُ آلاف، فأخرج لهم أرزاقَهم وأعطياتِهم، فأعطُوها، ثمّ سار بهم عمرُ بن عُبيد الله، فجَعل أهلَ الكوفة على الميمنة وعليهم محمَّد بن موسى بن طلحة، وجَعل أهلَ البصرة على الميسرة وعليهم ابن أخيه عمر بن موسى بن عُبيد الله، وجعل خيلَه في القلب، حتَّى انتهَوا إلى البحرَيْن، فصفّ عمر بن عبيد الله أصحابه، وقَدِم الرّجَّالة في أيديهم الرّماح قد ألزَموها الأرض، واستتروا بالبراذع، فَحَمل أبو فُدَيك وأصحابُه حملة رجل واحد، فكَشفوا ميسرة عُمر بن عبيد الله حتى ذهبوا في الأرض إلا المغيرةَ بن المهلَّب، ومَعْن بن المغيرة ومُجاعة بن عبد الرحمن وفُرسان الناس فإنَّهم مالوا إلى صَفّ أهل الكوفة وهم ثابتون، وارتُثّ عمرُ بن موسى بن عبيد الله، فهو في القتلى قد أثخِن جراحةً.
(١) انتهت هنا الأخبار التي أوردها الطبري في وصفه للأحداث من بداية توجيه الحجاج لقتال أمير المؤمنين عبد الله ابن الزبير وانتهاءًا باستشهاده رضي الله عنه وجلها من طريق الواقدي وهو متروك.