فيهم خالته، وقد أكبَّت على ابني لها وهو غلام حين احتلم، فقالت وأخرجت ثديَها إليه: أنشدك برَحم هذا يا سلامة! فقال: لا والله، ما رأيتُ فضالة مذ أناخ بعُمْر الشَّجرة - يعني أخاه - لتقومِنّ عنه، أو لأجْمعَنّ حافتكِ بالرّمح، فقامت عن ابنها عند ذلك فقتَله (١). (٦/ ٢٢٤ - ٢٢٥).
قال أبو مخنفَ: فحدّثني المفضّل بن بكر من بني تَيْم بن شيبان أنّ شبيبًا أقبل في أصحابه نحو رَاذانَ، فلمَّا سمعتْ به طائفة من بني تَيم بنِ شيبانَ خرجوا هُرّابًا منه، ومعهم ناس من غيرهم قليل، فأقبلوا حتى نزلوا دَير خرّزاد إلى جنب حَوْلايا، وهم نحو من ثلاثةِ آلاف، وشبيب في نحو من سبعين رجلًا أَو يزيدون قليلًا، فنزل بهم؛ فهابوه وتحصّنوا منه، . ثمّ إنّ شبيبًا سَرَى في اثني عشرَ فارسًا من أصحابه إلى أمه، وكانت في سَفْحِ ساتيدَما نازِلةً فَي مَظلّة من مَظالّ الأعراب: فقال: لآتينّ بأمّي فلأجعلنّها في عسكري فلا تفارقني أبدًا حتَّى أموتَ أو تموت، وخرج رجلان من بني تَيم بن شيبانَ تخوَّفَا على أنفسِهما فنزلا من الدّير، فلَحِقا بجماعة من قومهما وهم نُزول بالجبالِ منهم على مسيرةِ ساعة من النهار، وخرج شبيبٌ، في أولئك الرّهط في أوّلهم وهم اثنا عشر، يريد أمَّه بالسفح، فإذا هو بجماعة من بني تَيْم بن شيبان غارّين في أموالهم مقيمين، لا يرَوْن أنّ شبيبَّا يَمرّ بهم لمكانِهم الّذي هم به، ولا يشعر بهم، فحمل عليهم في فَرسانه تلك، فقتل منهم ثلاثين شيخًا؛ فيهم حَوْثرةُ بنُ أسَد ووَبرة بن عاصم اللّذان كانا نزَلا من الدَّير، فلحقا بالجبال، ومَضى شبيب إلى أمه فحمَلَها من السَّفح، فأقبل بها، وأشرف رجلٌ من أصحاب الدّير من بكرِ بن وائل على أصحاب شبيب، وقد استَخلف شبيب أخاه على أصحابه مصاد بن يزيد، ويقال لذلكَ الرّجل الَّذي أشرف عليهم سلّامُ بن حيان، فقال لهم: يا قوم، القرآن بيننا وبينكم، ألم تسمعوا قولُ الله:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}.
قالوا: بلى، قال لهم: فكفّوا عنَّا حتَّى نُصبح، ثمّ نخرج إليكم على أمان لنا منكم، لكيلا تَعرِضوا لنا بشيء نكرهه حتَّى تَعرضوا علينا أمركم هذا، فإن نحن