للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَجَّاج سرَّح الجَزْل بن سعيد بن شُرَحبيل بن عَمرو الكنديّ (١). (٦/ ٢٣٠).

قال أبو مخنف: حدّثنا النّضر بنُ صالح العَبْسيّ وفُضيلُ بنُ خديج الكنديّ أنّ الحجَّاج لمَّا أتاه الفَلّ قال: قبح الله سَوْرة! ضَيَّع العسكر والجُنْد، وخرج يبيِّت الخَوارج، أمَّا والله لأسوْءنَّه، وكان بعدُ قد حَبَسَه ثمّ عَفَا عنه (٢). (٦/ ٢٣٠).

قال أبو مخنف: وحدّثني فضيل بن خديج أنّ الحجَّاج دعا الجزْل - وهو عثمان بن سعيد - فقال له: تيسّر للخروج إلى هذه المارقة، فإذا لقيتَهم فلا تعجلْ عجلةَ الخَرِق، ولا تُحجِم إحجامَ الواني الفَرِق، هل فهمتَ؟ لله أنتَ يا أخا بني عمرو بن معاوية! فقال: نعم أصلح الله الأمير قد فهمت، قال له: فاخرج فعسْكِر بديْر عبد الرحمن حتَّى يخرج إليك الناس، فقال: أصلَحَ الله الأمير! لا تبعثنَّ معي أحدًا من أهل هذا الجُنْد المفلول المهزوم، فإنَّ الرعب قد دخل قلوبَهم، وقد خشيتُ ألّا ينفعك والمسلمين منهم أحد؛ قال له: فإنْ ذلك لك، ولا أراك إلّا قد أحسنْتَ الرأي ووُفِّقتَ، ثمّ دعا أصحابَ الدّواوين فقال: اضربوا على الناس البعث، فأخرجوا أربعة آلاف من الناس، من كلّ ربع ألف رجل، وعجّلوا ذلك، فجُمعت العُرفاء، وجلس أصحابُ الدّواوين، وضَربوا البعث فأخرجوا أربعة آلاف، فأمرهم بالعسكر فعَسْكروا، ثمَّ نودي فيهم بالرّحيل، ثم ارتحلوا ونادى منادي الحجَّاج: أن برئت الذّمة من رجل أصبْناه من هذا البعث متخلّفًا؛ قال فمضى الجَزْل بنُ سعيد، وقد قدم بين يديه عياض بن أبي لينة الكِنْديّ على مُقدّمته، فخرج حتَّى أتى المدائنَ، فأقام بها ثلاثًا، وبعث إليه ابنُ أبي عُصَيْفير بفرس وبِرْذَوْن وبغلين وألفيْ درهم، ووضع للناس من الجزر والعلف ما كفاهم ثلاثة أيام حتّى ارتحلوا، فأصاب الناس ما شاؤوا من تلك الجزر والعَلَف الَّذي وَضَع لهم ابْنُ أبي عُصيْفير، ثمَّ إنّ الجزل بنَ سعيد خرج بالناس في أثر شبيب، فطَلَبه في أرض جُوخَى، فجعل شبيب يُريه الهيبة، فيَخرج من رُسْتاق إلى رُسْتاق، ومن طَسّوج إلى طَسّوج، ولا يقيم له إرادة أن يفرّق الجزل أصحابه، ويتعجَّل إليه فيلقاه في يسير من الناس على غير تعبية، فجعل الجَزل لا يسير إلّا على تعبية، ولا ينزل إلا خندق على نفسه خندقًا، فلمَّا


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>