للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ويخرجُ سُويد حتَّى جعل بيوتَ مُزَينة وبني سُلَيم في ظهره وظهور أصحابه، وحمل عليهم شبيب حملةً منكرة، وذلك عند المساء، فلم يقدِر منهم على شيء، فأخذ على بيوتِ الكُوفة نحو الحِيرة، وأتبعه سُويد لا يفارقه حتى قطع بيوتَ الكوفة كلّها إلى الحيرة، وأتبعه سوَيد حتى انتهى إلى الحيرة، فيَجِده قد قَطَع قنطرةَ الحيرة ذاهبًا، فتَركه وأقام حتى أصبح.

وبعث إليه الحجَّاج أن أتبعه فأتبعه، ومضَى شبيب حتَّى أغار في أسفل الفُرات على من وجد من قوْمه، وارتفع في البرّ من وراء خَفَّان في أرض يقال لها الغلظة، فيصيب رجالًا من بني الوِرْثة، فَحَمل عليهم، فاضطرّهم إلى جَدد من الأرض، فجعلوا يَرْمونه وأصحابَه بالحجارة من حجارة الأرحاء كانت حولَهم، فلَمَّا نَفِدَت وصل إليهم فقتل منهم ثلاثةَ عشر رجلًا، منهم حنظلة بن مالك ومالكَ بن حنظلة وحمران بن مالك، كلّهم من بني الورْثة (١). (٦/ ٢٣٧ - ٢٣٩).

قال أبو مخنف: حدّثني بذلك عطاءُ بنُ عَرْفَجة بن زياد بن عبد الله الورثيَّ، ومضى شبيب حتَّى يأتي بني أبيه على اللصف (ماءٌ لرَهْطه) وعلى ذلك الماء الفِزْر بنُ الأسود، وهو أحد بني الصَّلْت، وهو الَّذي كان يَنهَى شبيبًا عن رأيه، وأن يُفسِد بني عمه وقومه، فكان شبيب يقول: والله لئن ملكتُ سبعةَ أعنَّة لأغزُوَنّ الفِزْر، فلمَّا غشيَهم شبيب في الخيل سأل عن الفِزْر فاتَّقاه الفِزْر، فخرج على فرس لا تُجارَى من وراء البيوت، فذهب عليها في الأرض، وهرب منه الرجال، ورجع وقد أخاف أهلَ البادية حتَّى أخذ على القُطقُطانة؛ ثمّ على قصر مُقاتِل، ثمّ أخذ على شاطيء الفُرات حتَّى أخذ على الحَصّاصة، ثم على الأنبار، ثم مضى حتى دخلَ دقُوقاء، ثمّ ارتفع إلى أداني أذْربيجان، فترَكه الحجَّاج وخرج إلى البَصْرة، واستخلَف على الكوفة عروة بن المغيرة بن شعبة، فما شعر الناس بشيء حتَّى جاء كتابٌ من ماذرواسب دِهْقان بابل مَهْرُوذ وعظيمها إلى عُروَة بن المغيرة بن شُعْبة أنّ تاجرًا من تجَّار الأنْبار من أهل بلادي أتاني فَذَكر أنّ شبيبًا يريد أن يدخُل الكوفة في أول هذا الشهر المستقبل، أحببتُ إعلامَك ذلك لتَرى رأيك، ثمّ لم ألبث إلا ساعةً حتَّى جاءني جابيان من جُباتي فحدّثاني أنّه قد نزل


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>