للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَهُرَسير الدّنيا، فصار بينه وبين مطرّف بن المغيرة بن شُعْبة جِسر دِجْلة.

فلمَّا نزل شبيب مدينة بَهُرَسير قَطَع مطرِّف الجِسْر، وبعث إلى شبيب: أن ابعثْ إليّ رجالًا من وجوه أصحابك أدارِسهم القرآن، وأنظر فيما تدعو إليه، فبعث إليه شبيب رجالًا من وجوهِ أصحابِه؛ فيهم قعْنَب وسُوَيد والمحلّل، فلمَّا أرادوا أن ينزِلوا في السفينة بعث إليهم شبيب ألا تدخلوا السفينة حتَّى يَرجع إليّ رسولي من عند مطرّف، فرجع الرسولُ. وبعث إلى مطرّف أن ابعث إليّ من أصحابِك بعَددِ أصحابي يكونوا رهنًا في يدي حتى تردّ عليَّ أصحابي، فقال مطرّف لرسوله: القه وقل له: كيف آمَنك أنا على أصحابي إذا أنا بعثتُهم الآن إليك، وأنتَ لا تأمنني على أصحابك! فرجع الرسولُ إلى شبيب فأبلغَه، فأرسَل إليه شبيب: إنَّك قد علمتَ أنَّا لا نستحلّ الغَدْر في دِيننا، وأنتم تفعلونه وتستحلّونه، فبعث إليه مطرِّف الرّبيعَ بن يزيد الأسَديّ وسليمان بن حذيفة بن هلال بن مالك المُزَنيّ، ويزيد بن أبي زياد مولاه وصاحب حَرَسه، فلمّا صاروا في يديْ شَبيب سرّح إليه أصحابه، فأتوا مطرّفًا فمكثوا أربعة أيَّام يتراسلون، ثمّ لم يتَّفقوا على شيء، فلمَّا تبيَّن لشبيب أنّ مطرّفًا غير تابعِه ولا داخل معه تهيَّأ للمسير إلى عتَّاب بن وَرْقاء، وإلى أهل الشام (١). (٦/ ٢٥٧ - ٢٦١).

قال أبو مخنف: فحدّثني فَروة بنُ لَقِيط أنّ شبيبًا دعا رؤوس أصحابهِ فقال لهم: إنَّه لم يثبِّطني على رأي قد كنتُ رأيتُه إلا هذا الثَّقَفي منذ أربعة أيَّام، قد كنتُ حدّثتُ نفسي أن أخرُجَ في جريدةِ خيل حتَّى ألقَى هذا الجيش المُقْبِل من الشام رجاءَ أن أصادِفَ غِرّتهم أو يَحذَروا فلا أبالي كنت ألقاهم منقطعين من المِصْر، ليس عليهم أمير كالحجَّاج يستندون إليه ولا مِصْرٌ كالكوفة يَعتصِمون به؛ وقد جاءتني عيوني اليوم فخبَّروني أن أوائلَهم قد دخلوا عَينَ التَّمر، فهم الآن قد شارفوا الكوفة، وجاءَتني عُيوني من نحو عَتَّاب بن وَرْقاء فحدّثوني أنه قد نزل بجماعة أهلِ الكُوفة الصّراة، فما أقرب ما بيننا وبينهم! فتيسّروا بنا للمَسيرِ إلى عتَّاب بن وَرْقاء.

قال: وخاف مطرّف أن يَبلغَ خبرُه وما كان من إرساله إلى شبيب الحجَّاج،


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>