للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخرج نحو الجبال، وقد كان أراد أن يقيمَ حتَّى ينظر ما يكون بين شبيب وعَتَّاب، فأرسل إليه شبيب: أمَّا إذا لم تُبايعني فقد نبذتُ إليك على سَواء، فقال مطرّف لأصحابه: اخرجوا بنا وافرِين فإنّ الحجَّاج سيقاتِلُنا فيقاتلنا وبنا قوّةٌ أمَثلُ فخرج ونزل المدائن، فعَقَد شبيب الجِسْر، وبعث إلى المدائن أخاه مصادًا، وأقبل إليه عَتَّاب حتَّى نزل بسُوق حَكَمة، وقد أخرج الحجَّاج جماعةَ أهلِ الكوفة مقاتلتهم، ومن نَشِط إلى الخروج من شبابهم، وكانت مقاتلتهم أربعين ألفًا سوى الشَّباب، ووافى مع عَتَّاب يومئذ أربعون ألفًا من المقاتِلة وعشرة آلاف من الشَّباب بِسُوقِ حَكمة، فكانوا خمسين ألفًا، ولم يَدع الحجَّاج قُرَشيًّا، ولا رجلًا من بُيوتاتِ العَرَب إلّا أخرَجه (١). (٦/ ٢٦١ - ٢٦٢).

قال أبو مخنَف: فحدّثني عبدُ الرحمن بنُ جُندَب، قال: سمعتُ الحجَّاج وهو على المِنبرَ حين وَجَّه عَتَّابًا إلى شبيب في الناس وهو يقول: يا أهل الكوفة، اخرُجوا مع عَتَّاب بن وَرْقاء بأجمَعكم، لا أرَخِّص لأحد من الناس في الإقامة إلا رجلًا قد ولَّيناه من أعمالنا، ألا إنّ للصابر المجاهِد الكرامة والأثرة، ألا وإنَ للناكل الهارِب الهَوانَ والجَفْوة، والَّذي لا إله غيره لئن فعلتم في هذا الموطنِ كفعلكم في المَواطن الَّتي كانت لأولينَّكم كنفًا خَشنًا، ولأعْرُكنكم بِكَللٍ ثقيل.

ثم نزل، وتوافَى الناس مع عتَّاب بسُوقِ حَكَمة (٢). (٦/ ٢٦٢).

قال أبو مخنَف: فحدّثني فَروةُ بنُ لقيط، قال: عرضَنا شبيبٌ بالمدائن فكنَّا ألف رجل، فقام فينا فحَمِد الله وأثنى عليه ثمّ قال: يا معشرَ المسلمين، إن الله قد كان ينصركم عليهم، وأنتم مئة ومئتان، وأكثر من ذلك قليلًا، وأنقَص منه قليلًا، فأنتم اليومَ مئون ومئون، ألا إني مصلٍّ الظهرَ ثمّ سائِر بكم، فصلَّى الظهر ثمّ نُودي في الناس، يا خيل اللهِ اركبي وأبشرِي، فخرج في أصحابه، فأخذوا يتخلَّفون ويتأخَّرون، فلمَّا جاوَزْنا ساباطَ ونزلنا معه قَصّ علينا وذَكَّرنا بأيَّام الله، وزهَّدنا في الدنيا، ورغّبنا في الآخرة ساعة طويلة، ثمّ أمر مؤذّنه فأذّن، ثمّ تقدّم فصلَّى بنا العصر، ثمّ أقبَل حتَّى أشرف بنا على عَتَاب بن وَرْقاء وأصحابِه، فلما


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>