معه الوليد بن عُقْبة عن أمرِ عثمانَ إيَّاه بذلك مَددًا لأهل الشام أرض الروم، فلمَّا قَفَل المسلمون أقيمَ السَّبى للبيع، فرأى يزيد بن نُعَيم أبو شبيب جاريةً حمراءَ، لا شَهْلَاء ولا زَرْقاء طويلةً جميلةً تأخُذُها العين، فابتَاعَها ثم أقبل بها، وذلك سنة خمس وعشرين أوّل السنة، فلمَّا أدخَلَها الكوفة قال: أسلِمي، فأبتْ عليه، فضربها فلم تزدَد إلا عصيانًا، فلمَّا رأى ذلك أمر بها فأصلِحت، ثمّ دعا بها فأدخِلَتْ عليه، فلما تغَشاها تَلَقَّتْ منه بحَمْل فولدتْ شبيبًا، وذلك سنة خمس وعشرين في ذي الحجَّة في يوم النَّحر يومَ السبت، وأحبَّت مولاها حُبًّا شديدًا - وكانت حَدثة - وقالت: إن شئت أجبتُك إلى ما سألتَني من الإسلام، فقال لها: شئتُ، فأسلَمَت وولدتْ شبيبًا وهي مُسْلمة، وقالت: إني رأيت فيما يَرَى النائم أنَّه خرج من قُبُلي شِهَابٌ فثَقب يسطع حتَّى بلغ السماءَ وبَلغ الآفاقَ كلَّها، فبينا هو كذلك إذ وقع في ماء كثير جارٍ فخبا، وقد ولدتُه في يومِكم هذا الَّذي تُهريقون فيه الدماء، وإني قد أوّلْتُ رؤيايَ هذه أني أرى ولدِي هذا غلامًا، أراه سيكون صاحب دماء يُهَرِيقها، وإني أرى أمره سيعلو ويعظم سريعًا، قال: فكان أبوه يختلف به وبأمّه إلى البادية إلى أرض قومه على ماء يُدعَى اللَّصَف (١). (٦/ ٢٨٣ - ٢٨٢).
قال أبو مِخنَف: وحدّثني موسى بنُ أبي سُويد بن رادي أنّ جُنْدَ أهل الشام الذين جاؤوا حملوا معهم الحَجَر فقالوا: لا نفرّ من شبيب حتَّى يفرّ هذا الحجر؛ فبلغ شبيبًا أمرُهم، فأراد أن يكيدهم، فدعا بأفراس أربعة، فربط في أذنابها ترَسة في ذَنَب كلّ فرس تُرْسَيْن، ثمّ ندب معه ثمانيةَ نفر من أصحابه، ومعه غلامٌ له يقال له حيَّان، وأمره أن يحمل معه إداوةً من ماء، ثم سار حتَّى يأتي ناحيةً من العسكر، فأمر أصحابه أن يكونوا في نواحي العسكر، وأن يجعلوا مع كلّ رجلين فرسًا، ثم يُمِسُّوها الحديدَ حتَّى تجد حرَّه ويخلّوها في العسكر، وواعدهم تلعةً قريبةً من العسكر، فقال: من نجا منكم فإنّ موعده هذه التَّلْعة؛ وكره أصحابُه الإقدامَ على ما أمرهم به، فنزل حيثُ رأى ذلك منهم حتى صنع بالخَيْل مِثلَ الَّذي أمرهم، ثمّ وغلتْ في العسكر: ودخل يَتْلوها مُحكّمًا فضرب الناسُ بعضهم بعضًا، فقام صاحبُهم الَّذي كان عليهم، وهو حبيب بن عبد الرحمن الحَكَميّ،