عيسى فَزَحْلَفَها إلى محمدِ ... حتى تُؤَدَّى من يد إلى يَدِ
فيكم وتَغْنَى وهي في تزيُّدِ ... فقد رَضِينا بالغلام الأَمرَدِ
قال: فلما كان في اليوم الذي بايع فيه أبو جعفر لابنه المهديّ وقدّمه على عيسى، ودعا بأبي نُخيلة، فأمره فأنشد الشِّعر؛ فكلمه سليمان بن عبد الله، وأشار عليه في كلامه أن يُجزل له العطية، وقال: إنه شيء يبقى لك في الكتب، ويتحدّث الناس به على الدّهر، ويخلُد على الأيام، ولم يزل به حتى أمر له بعشرة آلاف درهم.
وذكر عن حيّان بن عبد الله بن حِبْران الحِمَانيّ، قال: حدثني أبو نُخيلة، قال: قدمتُ على أبي جعفر، فأقمت ببابه شهرًا لا أصلُ إليه، حتى قال لي ذات يوم عبد الله بن الربيع الحارثيّ: يا أبا نُخيلة، إنّ أمير المؤمنين يرشِّح ابنه للخلافة والعَهد، وهو على تقدِمَته بين يدي عيسى بن موسى، فلو قلتَ شيئًا تحثُّه على ذلك، وتذكُر فضلَ المهديّ، كنت بالحَري أن تصيب منه خيرًا ومن ابنه، فقلتُ:
دُونكَ عبدَ الله أهلَ ذاكا ... خلافةَ الله الَّتي أَعطاكا
أَصفَاك أَصفَاك بها أَصْفَاكا ... فقد نَظَرنا زَمنًا أَباكا
ثمّ نظرناكَ لها إيَّاكَا ... ونَحْنُ فيهمْ والهَوى هَوَاكَا
نعم، فَنَسْتذْرِي إلى ذَرَاكا ... أَسندْ إِلى محمّدٍ عَصاكا
فابنُك ما اسْتَرْعَيْتَه كَفَاكا ... فأَحفَظُ النَّاسِ لها أَدْنَاكَا
فقد جَفَلتُ الرجْلَ والأَوْرَاكا ... وحِكْتُ حتى لم أَجِدْ مَحاكا
ودُرْتُ في هذا وذا وذاكا ... وكلُّ قولٍ قلتُ في سواكا
* زُورٌ وقد كفَّر هذا ذاكا *
وقلتُ أيضًا كلمتي التي أقول فيها:
إلى أَمير المؤمنينَ فاعْمِدِي ... سِيري إلى بحرِ البحور المُزْبِدِ
أَنت الذي يابن سَمِيِّ أحمدِ ... ويا بنَ بيتِ العربِ المُشَيَّدِ
بل يا أَمِينَ الواحد المؤَبَّدِ ... إن الذي ولّاك ربُّ المسجد
أَمسَى وليُّ عهدِها بالأَسعَدِ ... عيسنى فَزَحْلَفَهَا إِلى محمد
من قبلِ عيسى مَعْهَدًا عن معهدِ ... حتى تؤَدّى من يدٍ إلى يدِ