للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موت خليفة قطّ! اجلسوا رحمكم الله. فجلس النَّاس، وقام القاسم فشقّ ثيابه، ووضع التُّراب على رأسه، وموسى جالس على حاله. وكان صبيًّا رَطْبًا ما يتحلحل.

ثم خرج الرّبيع، وفي يده قِرطاس، فألقى أسفله على الأرض، وتناول طرفه ثم قرأ:

بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله المنصور أمير المؤمنين إلى مَنْ خلّف بعده من بني هاشم وشيعته من أهل خُراسان وعامة المسلمين - ثم ألقى القرطاس من يده، وبكى وبكى النَّاس، فأخذ القرطاس، وقال: قد أمكنكم البكاء؛ ولكن هذا عهد عهده أمير المؤمنين، لا بدّ من أن نقرأه عليكم، فأنصِتوا رحمكم الله؛ فسكت النَّاس، ثم رجع إلى القراءة - أما بعد: فإنّي كتبتُ كتابي هذا وأنا حيٌّ في آخر يوم من الدّنيا وأول يوم من الآخرة، وأنا أقرأ عليكم السَّلام، وأسأل الله ألّا يفتنكم بعدي، ولا يُلبِسكم شيَعًا، ولا يُذيق بعضكم بأس بعض. يا بني هاشم، ويا أهلَ خراسان ....... ثم أخذ في وصيّتهم بالمهديّ، وإذكارهم البيعةَ له، وحضّهم على القيام بدولته، والوفاء بعهده إلى آخر الكتاب.

قال النوفليّ: قال أي: وكان هذا شيئًا وضعه الرَّبيع، ثم نظر في وجوه النّاس، فدنا من الهاشميّين، فتناول يد الحسن بن زيد، فقال: قم يا أبا محمَّد، فبايعْ، فقام معه الحسن، فانتهى به الرّبيع إلى موسى فأجلسه بين يديه، فتناول الحسن يدَ موسى، ثم التفت إلى النَّاس، فقال: يا أيها النَّاس، إن أمير المؤمنين المنصور كان ضربني واصطفى مالي؛ فكلّمه المهدي فرضي عني، وكلمه في ردّ مالي عليّ فأبى ذلك، فأخلفه المهديّ من ماله وأَضعفه مكان كل عِلْق عِلْقين، فمَن أولى بأن يبايع لأمير المؤمنين بصدر منشرح ونفس طيبة وقلب ناصح منِّي! ثم بايع موسى للمهديّ، ثم مسح على يده. ثم جاء الرَّبيع إلى محمَّد بن عون، فقدّمه للسنّ فبايع، ثم جاء الرّبيع إليَّ فأنهضني؛ فكنت الثالث؛ وبايع النَّاس؛ فلما فرغ دخل المضارب، فمكث هنيهة ثم خرج إلينا معشر الهاشمييّن، فقال: انهضوا، فنهضنا معه جميعًا، وكنا جماعة كثيرة من أهل العراق وأهل مكّة والمدينة ممن حضر الحج، فدخلنا فإذا نحن بالمنصور

<<  <  ج: ص:  >  >>