ولو أردت هذا من غيرهم فقال: ابن دولتِك والمتقدّم في دعوتك، وأين مَنْ سبق إلى بيعتك، لا أدفِّعه عن ذلك.
قال عليّ بن محمَّد: قال الفضل بن الرَّبيع: قال المهديّ لعبد الله بن مالك: صارعْ مولاي هذا، فصارَعه، فأخذ بعنقه، فقال المهديّ: شدّ، فلما رأى ذلك عبدُ الله أخذ برجله فسقط على رأسه فصرعه. فقال عبد الله للمهديّ: يا أميرَ المؤمنين، قمتُ من عندك وأنا أحب النَّاس إليك، فلم تزَلْ عليّ مع مولاك. قال: أما سمعت قول الشَّاعر:
قال أبو الخطَّاب: لما حضرت القاسمَ بن مجاشع التميميّ - من أهل مَرْو بقرية يقال لها باران - الوفاةُ أوصى إلى المهديّ، فكتب: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (١)، إلى آخر الآية ثم كتب: والقاسم بن مجاشع يشهدُ بذلك، ويشهدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأن عليّ بن أبي طالب وصيُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووارث الإمامة بعده. قال: فعُرِضت الوصيَّة على المهديّ، فلما بلغ هذا الموضع رمى بها ولم ينظر فيها. قال أبو الخطَّاب: فلم يزل ذلك في قلب أبي عبيد الله الوزير، فلما حضرته الوفاة كتب في وصيّته هذه الآية.
قال: وقال الهيثم بن عديّ: دخل على المهديّ رجلٌ، فقال: يا أمير المؤمنين، إن المنصور شتمني وقذف أمِّي، فإما أمرتني أن أحِلَّه، وإلّا عوّضتَني واستغفرت الله له. قال: ولم شتمك؟ قال: شتمتُ عدوّه بحضرته، فغضب، قال: ومَنْ عدوه الذي غضب لشتمه؟ قال: إبراهيم بن عبد الله بن حسن، قال: إن إبراهيم أمسّ به رَحِمًا وأوجب عليه حقًّا، فإن كان شتمك كما زعمتَ، فعن رَحِمِهِ ذبّ، وعن عِرْضه دفع، وما أساء من انتصر لابن عمه. قال: إنَّه كان عدوًّا له، قال: فلم ينتصر للعداوة، وإنَّما انتصر للرَّحِم، فأسكت الرجل، فلما ذهب ليولّى، قال: لعلك أردت أمرًا فلم تجد له ذريعة عندك أبلغَ من هذه