للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندي رُبَيْثاء وخبز وشعير، فقال المهديّ: إن كان عندك زيت فقد أكملتَ، قال: نعم، قال: وكرّاث؟ قال: نعم، ما شئت وتمر. قال: فعدا نحو المبقلة، فأتاهم ببقْل وكُرّاث وبصل، فأكلا أكلًا كثيرًا، وشبِعا، فقال المهديّ لعمر بن بزيع: قل في هذا شعرًا، فقال:

إنَّ مَنْ يُطْعِمُ الرُبَيثاءَ بالزَّيـ ... ـتِ وخُبزَ الشعير بالكُرّاثِ

لحقيقٌ بِصفْعَةٍ أَو بِثنْتَيْـ ... ـنِ لِسوء الصنيعِ أَوْ بِثَلاثِ

فقال المهديّ: بئس ما قلت، ليس هكذا ...

لحقيقٌ بِبَدْرَةٍ أَوْ بِثِنَتْيـ ... ـن لحسْنِ الصَّنِيعِ أَوْ بِثَلاثِ

قال: ووافى العسكر والخزائن والخدَم فأمر للنَّبَطيّ بثلاث بِدَر وانصرف.

وذكر محمَّد بن عبد الله، قال: أخبرني أبو غانم، قال: كان زيد الهلاليّ رجلًا شريفًا سخيًّا مشهورًا من بني هلال، وكان نقشُ خاتَمه: "أفلح يا زيد مَنْ زَكَا عمله"، فبلغ ذلك المهديّ، فقال زيد الهلاليّ:

زَيْدُ الهِلَالِيّ نقش خاتمه ... أفْلَح يا زيدُ من زكا عمَلُهْ

قال: وقال الحسن الوصيف: أصابتنا ريح في أيَّام المهديّ حتَّى ظننَا أنَّها تسوقنا إلى المحْشر، فخرجتُ أطلب أميرَ المؤمنين، فوجدته واضعًا خدَّه على الأرض، يقول: اللهمّ احفظ محمدًا في أمتّه، اللهمّ لا تُشمت بنا أعداءنا من الأمم، اللهمّ إن كنت أخذت هذا العالم بذنبي فهذه ناصيتي بين يديك، قال: فما لبثنا إلَّا يسيرًا حتَّى انكشفت الرِّيح وانجلى ما كُنَّا فيه (١).

وقال الموصلي: قال عبد الصَّمد بن عليّ: قلت للمهديّ: يا أميرَ المؤمنين، إنا أهلَ بيت قد أشرب قلوبُنا حبَّ موالينا وتقديمهم، وإنك قد صنعت من ذلك ما أفرطتَ فيه، قد وليتَهم أمورك كلّها، وخصصتهم في ليلك ونهارك، ولا آمن تغيير قلوب جندك وقوّادك من أهل خُراسان، قال: يا أبا محمَّد، إنّ المواليَ يستحقّون ذلك، وليس أحدٌ يجتمع لي فيه أن أجلس للعامّة فأدعُوَ به فأرفعه حتَّى تحكّ ركبتُه ركبتي، ثم يقوم من ذلك المجلس، فأستكفيه سياسةَ دابتي، فيكفيها، لا يرفع نفسهُ عن ذلك إلّا مواليّ هؤلاء، فإنهم لا يتعاظمهم ذلك،


(١) الخبر أخرجه الخطيب البغدادي، انظر [تأريخ بغداد / ٥/ ٤٠٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>