للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلامًا واحدًا، وذلك بعد أن أقرَّا له بالزندقة، أما يعقوب بن الفضل فقال له: أُقِرُّ بها بيني وبينك، فأمّا أن أظهِر ذلك عند الناس فلا أفعل ولو قرضتني بالمقاريض، فقال له: ويلك! لو كُشفت لك السموات، وكان الأمر كما تقول، كنتَ حقيقًا أن تغضب لمحمد، ولولا محمد - صلى الله عليه وسلم - مَنْ كنت! هل كنت إلا إنسانًا من الناس! أما والله لولا أني كنْت جعلت لله عليَّ عهدًا إذا ولأني هذا الأمر ألَّا أقتل هاشميًّا لما ناظرتك ولقتلتُك. ثم التفت إلى موسى الهادي، فقال: يا موسى، أقسمت عليك بحقي إن وليت هذا الأمر بعدي ألَّا تناظرهما ساعة واحدة. فمات ابن داود بن عليّ في الحبس قبل وفاة المهديّ، وأما يعقوب فبقي حتى مات المهديّ. وقدم موسى من جُرجان فساعة دخل، ذكر وصيّة المهديّ، فأرسل إلى يعقوب من ألقى عليه فراشًا، وأقعِدت الرجال عليه حتى مات. ثم لها عنه ببيعته وتشديد خلافته، وكان ذلك في يوم شديد الحرّ، فبقي يعقوب حتى مضى من الليل هدء، فقيل لموسى: يا أميرَ المؤمنين، إن يعقوب قد انتفخ وأروَح. قال: ابعثوا به إلى أخيه إسحاق بن الفضل، فخبَّروه أنه مات في السجن، فجُعل في زورق وأُتِيَ به إسحاق، فنظر فإذا ليس فيه موضع للغسل، فدفنه في بستان له من ساعته، وأصبح فأرسل إلى الهاشميِّين يخبرهم بموت يعقوب ويدعوهم إلى الجنازة، وأمر بخشبة فعمِلت في قدّ الإنسان فغشيت قطنا، وألبسها أكفانًا، ثم حملها على السرير، فلم يشكّ مَن حضرها أنه شيء مصنوع.

وكان ليعقوب ولد من صُلْبه: عبد الرحمن والفضل وأروى فاطمة، فأمّا فاطمة فوجدت حُبلى منه، وأقرّت بذلك.

قال عليّ بن محمد: قال أبي: فأدخِلت فاطمة وامرأة يعقوب بن الفضل - وليست بهاشمية، يقال لها خديجة - على الهادي - أو على المهديّ من قبْل - فأقرّتا بالزندقة، وأقرّت فاطمة أنها حامل من أبيها، فأرسل بهما إلى رَيْطة بنت أبي العباس، فرأتهما مكتحلتين مختضبِتين، فعذلتْهما، وأكثرت على الابنة خاصّة، فقالت: أكرَهني، قالت: فما بال الخضاب والكحل والسرور، إن كنت مكرهة! ولعنتهما. قال: فخُبِّرت أنهما فَزِعتا فماتتا فزَعًا، ضُرب على رَأَسَيهما بشيء يقال له الرعبوب. ففزعتا منه، فماتتا. وأما أروى فبقِيَتْ فتزوّجها ابن عمها الفضل بن إسماعيل بن الفضل، وكان رجلًا لا بأس به في دينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>