إلى ذلك، فقبله، وولّاه الوزارة مكان عبيد الله بن زياد بن أبي ليلَى، وضمّ إليه ما كان عمر بن بَزيع يتولّاه من الزِّمام، وولّى محمد بن جميل ديوان خراج العراقين، وولّى عبيد الله بن زياد خراج الشأم وما يليه، وأقرّ على حَرَسه عليّ بن عيسى بن هامان، وضمّ إليه ديوان الجند، وولى شُرَطه عبد الله بن مالك مكانَ عبد الله بن خازم، وأقرّ الخاتم في يد عليّ بن يقطين.
وكانت موافاة موسى الهادي بغداد عند منصرَفه من جُرجان لعشرٍ بقين من صفر من هذه السنة، سار - فيما ذكر عنه - من جرجان إلى بغداد في عشرين يومًا، فلما قدمها نزل القصر الذي يسمى الخُلْد، فأقام به شهرًا، ثم تحوّل إلى بستان أبي جعفر، ثم تحول إلى عيسابَاذ.
وقد ذكر عليّ بن محمد النوفليّ أن أباه حدثه أنه كانت لموسى الهادي جارية، وكانت حظيّةً عنده، وكانت تحبُّه وهو بجُرْجان حين وجَهه إليها المهديّ، فقالت أبياتًا، وكتبت إليه وهو مقيم بجرجان، منها:
يا بَعيدَ المَحَلّ أمـ ... ـسى بجرجانَ نازلا
قال: فلما جاءته البَيعة وانصرف إلى بغداد، لم تكن له همّة غيرها، فدخل عليها وهي تغنّي بأبياتها، فأقام عندها يومه وليلته قبل أن يظهر لأحد من الناس.
وفي هذه السنة اشتدّ طلب موسى الزنادقة، فقتل منهم فيها جماعة، فكان ممَّن قتل منهم يزدان بن باذان كاتب يقطين، وابنه عليّ بن يقطين من أهل النَّهروان، ذُكر عنه أنه حجّ فنظر إلى الناس في الطَّواف يُهَرْوِلون، فقال: ما أشبّههم إلا ببقر تدوس في البَيْدَر. وله يقول العلاء بن الحداد الأعمى:
أَيا أَمينَ اللهِ في خَلقِهِ ... ووارثَ الكعبةِ والمِنْبَرْ
ماذا تَرَى في رجل كافرٍ ... يُشَبّهُ الكعبةَ بالبَيْدَرْ
ويَجعلُ الناسَ إِذا ما سَعَوْا ... حُمْرًا تَدوسُ البُرَّ والدَّوْسَرْ!
فقتله موسى ثم صلبه، فسقطت خشبتُه على رجل من الحاجّ فقتلتْه وقتلتْ حماره. وقُتِل من بني هاشم يعقوب بن الفضل.
وذكر عن عليّ بن محمد الهاشميّ، قال: كان المهديّ أتِيَ بابنٍ لداود بن عليّ زنديقًا، وأتِيَ بيعقوب بن الفضل بن عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب زنديقًا، في مجلسين متفرقين، فقال لكل واحد منهما