للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليّ: والله لأن أسقط من السماء فتخطفني الطير، أو تهوي بي الريح في مكان سحيق، أيسر عليّ من أن أشوكك بشوكة، أو أقطع من رأسك شعرة، ولكن لابدّ من الإعذار، فبَيّتْني فإني منهزم عنك. فأعطاه بذلك عهدَ الله وميثاقه. قال: فوجَّه إليه الحسين - أو خرج إليه - في نفر يسير، فلما دنوْا من عسكره صاحوا وكبَّرُوا، فانهزم أصحابه حتى لحق بموسى بن عيسى.

وذكر أبو المِضْرَحيّ الكلابيّ، قال: أخبرني المفضّل بن محمد بن المفضّل بن حسين بن عبيد الله بن العباس بن عليّ بن أبي طالب، أنّ الحسين بن عليّ بن حسن بن حسن، قال يومئذ في قوم لم يخرجوا معه - وكان قد وعدوه أن يوافوه، فتخلّفوا عنه - متمثِّلًا:

من عاذَ بالسّيفِ لَاقَى فُرْصَةً عجَبًا ... مَوْتًا على عجل أو عاش منتصِفا

لا تَقرَبوا السَّهلَ إنَّ السَّهلَ يُفسِدُكم ... لَن تُدْركوا المجدَ حتى تضربُوا عُنفا

وذكر الفضل بن العباس الهاشميّ أن عبد الله بن محمد المنقريّ حدّثه عن أبيه، قال: دخل عيسى بن دأب على موسى بن عيسى عند منصرَفه من فَخّ، فوجده خائفًا يلتمس عذرًا مِن قتل مَن قتل، فقال له: أصلح الله الأمير! أنشدك شعرًا كتبَ به يزيد بن معاوية إلى أهل المدينة يعتذر فيه من قتل الحسين بن عليّ رضي الله عنه؟ قال: أنشدني، فأنشده، فقال:

يا أَيّها الراكبُ الغادِي لِطيّتِهِ ... على عُذَافرَةٍ في سَيْرِها قُحَمُ

أَبلغْ قرَيشًا على شَحْط المَزارِ بها ... بيْني وبيْنَ الحُسْين اللهُ والرَّحِمُ

وَمَوْقِفٍ بِفناء البيْتِ أنْشُدُهُ ... عهْدَ الإِلهِ وَمَا تُرْعَى له الذِّمَمُ

عنَّفتمُ قَوْمكم فَخْرًا بأُمِّكُمُ ... أمّ حَصَانٌ لعَمْري بَرَّةٌ كرَمُ

هي التي لا يُداني فَضلَها أَحَدٌ ... بنتُ النبيِّ وَخَيْرِ الناسِ قَدْ علموا

وفَضلها لكمُ فضلٌ وغيْرُكمُ ... مِنْ قَومكمْ لَهُمُ مِن فضلها قِسَمُ

إني لأَعلَمُ أو ظنًّا كعالِمِهِ ... والظنّ يَصْدُقُ أَحيانًا فَيَنْتَظِمُ

أَن سوفَ يَتْرُككمْ ما تطلبونَ بها ... قتْلَى تهاداكمُ العِقبان والرّخَمُ

يا قَومَنا لا تُشِبّوا الحَربَ إِذ خَمَدَت ... ومَسِّكوا بحِبالِ السِّلْمِ واعْتَصِموا

لا ترْكبوا البَغْي إنَّ البغْيَ مَصْرَعَةٌ ... وَإِنَّ شاربَ كأْسِ البغْيِ يتَّخِمُ

قَدْ جَرَّبَ الحَرْبَ من قَدْ كان قبلكمُ ... مِنَ القرونِ وقَد بادتْ بهَا الأُمَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>