وذكر عليّ بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، قال: حدّثني يوسف الْبَرْم مولى آل الحسن - وكانت أمّه مولاة فاطمة بنت حسن - قال: كنت مع حسين أيام قدم على المهديّ، فأعطاه أربعين ألف دينار، ففرّقها في الناس ببغداد والكوفة، ووالله ما خرج من الكوفة وهو يملك شيئًا يلبسه إلا فروًا ما تحته قميص وإزار الفراش، ولقد كان في طريقه إلى المدينة، إذا نزل استقرض من مواليه ما يقوم بمؤونتهم في يومهم.
قال عليّ: وحدثني السريّ أبو بشر، وهو حليف بني زهرة، قال: صلَّيتُ الغداة في اليوم الذي خرج فيه الحسين بن عليّ بن الحسن صاحب فخّ، فصلَّى بنا حسين، وصعد المنبر منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجلس وعليه قميص وعمامة بيضاء قد سدَلها من بين يديه ومن خلْفه، وسيفه مسلول قد وضعه بين رجليه، إذ أقبل خالد البربريّ في أصحابه، فلما أراد أن يدخل المسجد بَدَره يحيى بن عبد الله، فشدّ عليه البربريّ، وإني لأنظر إليه، فبدرَه يحيى بن عبد الله، فضربه على وجهه، فأصاب عينيه وأنفه، فقطع البيضة والقلنسوة، حتى نظرتُ إلى قحفْه طائرًا عن موضعه، وحمل على أصحابه فانهزموا. ثم رجع إلى حسين، فقام بين يديه وسيفه مسلول يقطر دمًا، فتكلّم حسين، فحمد الله وأثنى عليه، وخطب الناس، فقال في آخر كلامه: يا أيها النَّاس، أنا ابن رسول الله في حرم رسول الله، وفي مسجد رسول الله، وعلى منبر نبيّ الله، أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فإن لم أفِ لكم بذلك فلا بيعةَ لي في أعناقكم. قال: وكان أهل الزيارة في عامهم ذلك كثيرًا، فكانوا قد ملؤوا المسجد، فإذا رجل قد نهض، حسن الوجه، طويل القامة، عليه رداءٌ ممشّق، أخذ بيد ابن له شابّ جميل جَلْد، فتخطَّى رقاب الناس، حتى انتهى إلى المنبر، فدنا من حسين، وقال: يا بنَ رسول الله، خرجتُ من بلد بعيد وابني هذا معي، وأنا أريد حجّ بيت الله وزيارة قبر نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وما يخطر ببالي هذا الأمر الّذي حدث منك، وقد سمعتُ ما قلتَ، فعندك وفاء بما جعلت على نفسك؟ . قال: نعم، قال: ابسط يدَك فأبايعك، قال: فبايعه، ثم قال لابنه: ادن فبايِعْ. قال: فرأيتُ والله رؤوسهما في الرؤوس بمنىً، وذلك أني حججت في ذلك العام.
قال: وحدّثني جماعة من أهل المدينة أنّ مباركًا التركيّ أرسل إلى حسين بن