مكة. وكان الهادي وجَّه سليمان بن أبي جعفر لولاية الموسم، وشخص معه من أهل بيته ممن أراد الحجّ العباس بن محمد وموسى بن عيسى وإسماعيل بن عيسى بن موسى في طريق الكوفة، ومحمد بن سليمان وعدّة من ولد جعفر بن سليمان على طريق البصرة، ومن الموالي مبارك التركي والمفضل الوصيف وصاعد مولى الهادي - وكان صاحب الأمر سليمان - ومن الوجوه المعروف يقطين بن موسى وعبيد بن يقطين وأبو الوزير عمر بن مطرّف، فاجتمعوا عند الذي بلغهم من توجّه الحسين ومَنْ معه إلى مكة، ورأسوا عليهم سليمان بن أبي جعفر لولايته، وكان قد جُعل أبو كامل مولى إسماعيل على الطلائع، فلقوه بفخّ، وخلَّفوا عبيد الله بن قُثَم بمكة للقيام بأمرها وأمر أهلها، وقد كان العباس بن محمد أعطاهم الأمان على ما أحدثوا، وضمن لهم الإحسان إليهم والصلة لأرحامهم، وكان رسولهم في ذلك المفضّل الخادم، فأبوْا قبول ذلك، فكانت الوقعة، فقتل مَنْ قتل، وانهزم الناس، ونودي فيهم بالأمان، ولم يُتبَع هارب، وكان فيمن هرب يحيى وإدريس ابنا عبد الله بن حسن، فأما إدريس فلحق بتاهَرْت من بلاد المغرب، فلجأ إليهم فأعظموه، فلم يزل عندهم إلى أن تُلُطِّف له، واحتِيل عليه، فهلك، وخلفه ابنه إدريس بن إدريس، فهم إلى اليوم بتلك الناحية مالكين لها، وانقطعت عنهم البعوث.
قال المفضل بن سليمان: لما بلغ العمريَّ وهو بالمدينة مقتلُ الحسين بفخّ وثب على دار الحسين ودور جماعة من أهل بيته وغيرهم ممنّ خرج مع الحسين، فهدمها وحرَّق النخل، وقبض ما لم يحرقه، وجعله في الصوافي المقبوضة. قال: وغضب الهادي على مبارك التركيّ لِما بلغه من صدوده عن لقاء الحسين بعد أن شارف المدينة، وأمر بقبض أمواله وتصييره في سياسة دوابه، فلم يزل كذلك إلى وفاة الهادي، وسخط على موسى بن عيسى لقتله الحسن بن محمد بن عبد الله أبي الزفت، وتَرْكه أن يقدم به أسيرًا، فيكون المحكّم في أمره، وأمَرَ بقبض أمواله، فلم تزل مقبوضة إلى أن تُوفِّيَ موسى. وقدم على موسى ممن أسِر بفَخ الجماعة، وكان فيهم عذافر الصيرفيّ وعليّ بن سابق القلّاس الكوفيّ، فأمر بضرب أعناقهما وصلْبهما بباب الجسر ببغداد، ففُعلِ ذلك. قال: ووجّه مهرويه مولاه إلى الكوفة، وأمره بالتغليظ عليهم لخروج مَنْ خرج منهم مع الحسين.