أَسقِ أوصالًا وهامًا وصَدىً ... قاشعًا يَقْشَعُ قَشْعَ المُبْتَكَرْ
كان حُرًّا فهوى فيمن هَوَى ... كُلّ عُودٍ وفنونٍ منكَسرْ
قال: فدعا بدواة فكتبها، ثم كتب إلى الحرّاني بأربعين ألفَ درهم، وقال: عشرة آلاف لك، وثلاثون ألفًا للثلاثة الأبيات. قال: فأتيت الحرّانيّ، فقال: صالحْنا على عشرة آلاف، على أنّك تحلف لنا ألا تذكرها لأمير المؤمنين، فحلفت ألّا أذكرَها لأمير المؤمنين حتى يبدأني، فمات ولم يذكرها حتى أفضت الخلافة إلى الرشيد.
وذكر أبو دِعامة أن سَلْم بن عمرو الخاسر مدح موسى الهادي، فقال:
بعيساباذَ حُرٌّ مِن قريشٍ ... على جَنباتِهِ الشَّرْبُ الرِّواءُ
يَعوذُ المُسلمونَ بِحَقْوتَيْهِ ... إِذا ما كان خَوفٌ أَو رجاءُ
وبالمَيْدانِ دُورٌ مُشْرِفات ... يشُيّدهُنَّ قَوم أَدعياءُ
وكم من قائلٍ إني صحيحٌ ... وتأْباهُ الخلائقُ والرُّواءُ
له حسبٌ يَضَنّ به ليبقَى ... وليس لِمَا يضَنُّ به بَقَاءُ
على الضبِيِّ لُؤْمٌ ليس يَخْفَى ... يُغَطِّيهِ فَيَنْكَشِفُ الغطاءُ
لَعَمْرِي لَوْ أَقامَ أَبو خَدِيجٍ ... بِناءَ الدَّارِ ما انهَدَمَ البِناءُ
قال: وقال سَلْم الخاسر لما تولّى الهادي الخلافة بعد المهديّ:
لَقَدْ فَازَ مُوسَى بالْخِلافَةِ والْهُدَى ... وَماتَ أَميرُ المؤمنينَ مُحَمَّدُ
فماتَ الَّذِي عمَّ البريَّةَ فقْدُهُ ... وَقَامَ الَّذِي يكفيكَ مَنْ يُتَفَقَّدُ
وقال أيضًا:
تَخْفَى المُلوك لموسى عندَ طلعتِهِ ... مثلَ النُّجومِ لقَرنِ الشمسِ إِذْ طَلَعَا
وليس خَلقٌ يَرَى بدرًا وطلعتَهُ ... منَ البَريَّةِ إِلَّا ذَلَّ أَو خَضَعا
وقال أيضًا:
لولا الخليفةُ مُوسَى بَعْدَ والِدِهِ ... مَا كَانَ للنَّاسِ مِنْ مَهْدِيّهمْ خلَفُ
أَلا ترَى أمّةَ الأُمِّيِّ وَاردَةً ... كأَنَّهَا من نَوَاحِي البَحْرِ تَغترفُ
مِنْ راحَتَيْ مَلِكٍ قد عَمَّ نائلهُ ... كأَنَّ نائله مِنْ جودِهِ سَرَفُ