وذكر إدريس بن أبي حفصة أن مَرْوان بن أبى حفصة حدّثه، قال: لما ملك موسى الهادي دخلتُ عليه فأنشدته:
إِنْ خُلِّدَتْ بعد الإِمامِ مُحَمّدٍ ... نَفْسِي لمَا فَرِحَتْ بِطُولِ بَقَائِهَا
قال: ومدحت فقلت فيه:
بِسَبْعِينَ أَلفًا شدَّ ظَهْرِي وَرَاشَنِي ... أبُوكَ وَقَدْ عايَنتُ مِنْ ذاك مَشْهَدا
وَإنِّي أَميرَ المؤمنينَ لَوَاثِقٌ ... بأَلَّا يُرَى شرْبي لَدَيْكَ مُصَرَّدا
فلما أنشدته قال: ومَنْ يبلغ مدى المهديّ! ولكنا سنبلغ رضاك. قال: وعاجلتْهُ المنيّة فلم يعطني شيئًا، ولا أخذتُ من أحد دِرْهمًا حتى قام الرشيد.
وذكر هارون بن موسى الفَرَويّ، قال: حدّثنى أبو غُزِّية، عن الضحاك بن معن السُّلَميّ، قال: دخلت على موسى فأنشدته:
يا مَنزِلَيْ شَجْوِ الْفؤادِ تَكلَّمَا ... فلَقَدْ أَرَى بِكما الرَّبابَ وكُلْثُما
ما منزلانِ على التَّقادُم والبِلى ... أبكَى لِما تَحْتَ الجوانِح مِنْكُمَا
رُدَّا السَّلامَ على كَبير شاقَهُ ... طلَلانِ قَدْ دَرسا فهاجَ فسَلِّمَا
قال: ومدحته فيها، فلما بلغت:
سَبْط الأَناملِ بالفَعالِ أَخالُه ... أنْ ليْسَ يَترُكُ في الخزائنِ دِرْهَمَا
التفت إلى أحمد الخازن، فقال: ويحك يا أحمد! كأنّه نظر إلينا البارحة، قال: وكان قد أخرج تلك الليلة مالًا كثيرًا ففرّقه.
وذُكِر عن إِسحاق الموصليّ - أو غيره - عن إبراهيم، قال: كنّا يومًا عند موسى، وعنده ابن جامع ومُعاذ بن الطيب - وكان أوّل يوم دخل علينا مُعاْذ، وكان مُعاذ حاذقًا بالأغاني، عارفًا بقدِيمها - فقال: مَنْ أطربني منكم فله حُكمه، فغنّاه ابنُ جامع غِنَاءً فلم يحرّكه، وفهمتُ غرضه في الأغاني، فقال هات يا إبراهيم، فغنيتُه:
سُليمَى أَجْمَعَتْ بينَا ... فأَينَ نقُولُها أَيْنَا!
فطرب حتى قام من مجلسه، ورفع صوته، وقال: أعِد، فأعدتُ، فقال: هذا غرضي فاحْتَكِمْ، فقلت: يا أميرَ المؤمنين، حائط عبد الملك وعينه الخرّارة، فدارت عيناه في رأسه حتى صارتا كأنهما جَمْرتان، ثم قال: يا بن