للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللّخناء، أردت أن تُسمع العامة أنك أطربتَني وأنّي حكّمتك فأقطعتك! أما والله لولا بادرةُ جهلك التي غلبتْ على صحيح عقلك لضربتُ الذي فيه عيناك. ثم أطرق هُنيهة، فرأيت ملَك الموت بيني وبينه ينتظر أمرَه. ثم دعا إبراهيم الحرّانيّ فقال: خذ بيَد هذا الجاهل فأدخله بيت المال، فليأخذ منه ما شاء، فأدخلني الحَرّانِيّ بيتَ المال، فقال: كم تأخذ؟ قلت: مائة بَدْرة، قال: دعني أؤامره، قال: قلت: فثمانين، قال: حتى أؤامره، فعملت ما أراد، فقلت: سبعين بدرةً لي، وثلاثين لك، قال: الآن جئت بالحق، فشأنَك. فانصرفتُ بسبعمائة ألف وانصرف ملك الموت عن وجهي.

وذكر عليّ بن محمد، قال: حدّثني صالح بن عليّ بن عطيَّة الأضخم عن حَكَم الواديّ، قال كان الهادي يشتهي من الغناء الوسَط الذي يقلّ ترجيعُه، ولا يبلغ أن يستخفّ به جدًّا. قال: فبينا نحن ليلة عنده، وعنده ابنُ جامع والموصليّ والزبير بن دَحْمان والغَنويّ إذ دعا بثلاثِ بُدور وأمرَ بهنّ فوُضِعن في وسط المجلس، ثم ضمَّ بعْضَهُنّ إلى بعض، وقال: مَنْ غناني صوتًا في طريقي الذي أشتهيه، فهنّ له كلهنّ. قال: وكان فيه خُلُق حسن، كان إذا كره شيئًا لم يوقِّفْ عليه، وأعرض عنه. فغناه ابنُ جامع، فأعرض عنه، وغنّى القوم كلهم، فأقبل يعرض حتى تغنّيت، فوافقت ما يشتهي، فصاح: أحسنت أحسنت! اسقوني، فشرب وطرب، فقمت فجلست على البُدور، وعلمت أني قد حَويتها، فحضر ابنُ جامع، فأحسن المحضر، وقال: يا أميرَ المؤمنين، هو والله كما قلتَ، وما منّا أحد إلا وقد ذهب عن طريقك غيرُه، قال: هي لك، وشرب حتى بلغ حاجَته على الصوت، ونهض، فقال: مُروا ثلاثة من الفرّاشين يحملونها معه، فدخل وخرجنا نمشي في الصحن منصرفين، فلحقني ابنُ جامع، فقلت: جُعلت فداك يا أبا القاسم! فعلتَ ما يفعل مثلُك في نسبك، فانظر فيها بما شئت. فقال: هنأك الله، وَدِدْنا أنا زِدناك. ولحقَنا الموصليّ، فقال: أجزنا، فقلت: ولمَ لمْ تحسن محضرك! لا والله ولا درهمًا واحدًا.

وذكر محمد بن عبد الله، قال: قال لي سعيد القارئ العلّاف - وكان صاحبَ أبان القارئ: إنه كان عند موسى جلساؤه، فيهم الحرّاني وسعيد بن سلم وغيرُهما، وكانت جارية لموسى تسقيهم، وكانت ماجنةً، فكانت تقول لهذا:

<<  <  ج: ص:  >  >>