يا جلفِيّ، وتعبث بهذا وهذا، ودخل يزيد بن مزيد فسمع ما تقول لهم، فقال لها: والله الكبير، لئن قلتِ لي مثل ما تقولين لهم لأضربنّك ضربة بالسيف، فقال لها موسى: ويلك! إنه والله يفعل ما يقول، فإياك. قال: فأمسكت عنه ولم تعابثْه قطّ. قال: وكان سعيد العلّاف وأبان القارئ إباضيين.
وذكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن داود الكاتب، قال: حدّثني ابن القداح، قال: كانت للربيع جارية يقال لها أمَة العزيز، فائقة الجمال، ناهدة الثَّدييْن، حسنة القوام، فأهداها إلى المهديّ، فلما رأى جمالها وهيئتها، قال: هذه لموسى أصلح، فوهبها له، فكانت أحبَّ الخلق إليه، وولدت له بنيه الأكابر. ثم إنّ بعض أعداء الربيع قال لموسى: إنه سمع الرَّبِيع يقول: ما وضعتُ بيني وبين الأرض مثل أمَة العزيز، فغار موسى من ذلك غيْرَةً شديدة، وحلف لَيَقْتُلن الربيع، فلما استخلف دعا الرَّبيع في بعض الأيام، فتغدَّى معه وأكرمه، وناوله كأسًا فيها شراب عسل، قال: فقال الربيع: فعلمت أنّ نفسي فيها، وأنِّي إن رددتُ الكأس ضَرب عنقي، مع ما قد علمت أن في قلبه عليّ من دخولي على أمهِ، وما بلغه عني، ولم يسمع مني عذرًا. فشربتها. وانصرف الرَّبيع إلى منزله، فجمع ولده، وقال لهم: إني ميِّت في يومي هذا أو من غد، فقال له ابنه الفضل: ولم تقول هذا جعلت فداك! فقال: إنّ موسى سقاني شربة سمّ بيده، فأنا أجد عملَها في بدني، ثم أوصى بما أراد، ومات في يومه أو من غده. ثمّ تزوج الرشيد أمة العزيز بعد موت موسى الهادي، فأولدها عليّ بن الرشيد.
وزعم الفضل بن سليمان بن إسحاق الهاسميّ أنّ الهادي لما تحوّل إلى عيساباذ في أوّل السنة - التي ولي الخلافة فيها، عزل الرَّبيع عما كان يتولّاه من الوزارة وديوان الرسائل، وولى مكانه عمر بن بزيع، وأقرّ الربيع على الزمام، فلم يزل عليه إلى أن تُوُفِّيَ الربيع، وكانت وفاته بعد ولاية الهادي بأشهر، وأوذن بموته فلم يحضر جِنازته، وصلى عليه هارون الرشيد، وهو يومئذ وليّ عهد، وولّي موسى مكان الربيع إبراهيم بن ذاكوان الحرانيّ، واستخلف على ما تولاه إسماعيل بن صُبيح، ثم عزله واستخلف يحيى بن سليم، وولّى إسماعيل زمام ديوان الشأم وما يليها.
وذكر يحيى بن الحسن بن عبد الخالق، خال الفضل بن الربيع، أنّ أباه