للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما تروْن به أثر علة! هذا الآن إن مات قال الناس: سَمّوه. قال يحيى: كلّا ما زلتُ عليلًا منذ كنت في الحبس، وقبل ذلك أيضًا كنت عليلًا. قال أبو الخطاب: فما مكث يحيى بعد هذا إلا شهرًا حتى مات (١).

وذكر أبو يونس إسحاق بن إسماعيل، قال: سمعتُ عبد الله بن العباس بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن عليّ، الذي يعرف بالخطيب، قال كنتُ يومًا على باب الرّشيد أنا وأبي، وحضر ذلك اليوم من الجُنْد والقُوّاد ما لم أر مثلهم على باب خليفة قبله ولا بعده، قال: فخرج الفضل بن الربيع إلى أبي، فقال له: ادخل، ومكث ساعة ثم خرج إليّ، فقال: ادخل، فدخلتُ فإذا أنا بالرّشيد معه امرأة يكلمها، فأومأ إليّ أبي أنه لا يريد أن يدخل اليوم أحد، فاستأذنتُ لك لكثرةِ مَنْ رأيتُ حضر الباب، فإذا دخلتَ هذا المدخل زادك ذلك نُبْلًا عند الناس. فما مكثنا إلا قليلًا حتى جاء الفضل بن الربيع، فقال: إن عبد الله بن مصعب الزبيريّ يستأذن في الدخول، فقال: إنِّي لا أريد أن أدخِل اليوم أحدًا، فقال: قال: إنّ عندي شيئًا أذكره. فقال: قل له يَقُلْهُ لك، قال: قد قلت له ذلك، فزعم أنه لا يقوله إلّا لك، وقال: أدخِله. وخرج ليُدخله، وعادت المرأة وشغل بكلامها، وأقبل عليّ أبي، فقال: إنّه ليس عنده شيء يذكره، وإنما أراد الفضل بهذا ليوهم مَنْ على الباب أنّ أمير المؤمنين لم يدخلنا لخاصّة خُصِصنا بها، وإنما أدخلنا لأمرٍ نُسأل عنه كما دخل هذا الزبيريّ.

وطلع الزّبيريّ، فقال: يا أمير المؤمنين، ها هنا شيء أذكره، فقال له: قل، فقال له: إنه سرٌّ، فقال: ما من العباس سِرّ، فنهضت، فقال: ولا منك يا حبيبي، فجلست، فقال: قُلْ، فقال: إني والله قد خفت على أمير المؤمنين من امرأته وبنته وجاريته التي تنام معه، وخادمه الذي يناوله ثيَابه وأخصّ خلق الله به من قوّاده، وأبعدهم منه. قال: فرأيتُه قد تغيّر لونه، وقال: مماذا؟ قال: جاءتني دعوة يحيى بن عبد الله بن حسن، فعلمت أنها لم تبلغني مع العداوة بيننا وبينهم، حتى لم يبقِ على بابك أحدًا إلا وقد أدخله في الخلاف عليك. قال: فتقول له هذا في وجهه! قال: نعم، قال الرشيد: أدخِلْه، فدخل، فأعاد القول


(١) لا تثبت هذه المحاورة بإسناد فتكون في شخص واحد لم يلق الطبري ولم يحضر هو هذه الجلسة. والحمد لله على نعمة الإسناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>