للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فقال عيسى بن جعفر: والله ما يسرّني أن يحيى نقصه حرفًا ممّا كان جرى بينهما، ولا قصّر في شيء من مخاطبته إياه.

قال: وأما الزبيريّون فيزعمون أن امرأته قتلته، وهي من ولد عبد الرحمن بن عوف (١).

وذكر إسحاق بن محمد النَّخعيّ أنّ الزبير بن هشام حدّثه عن أبيه، أن بكّار بن عبد الله تزوّج امرأةً من ولد عبد الرحمن بن عوف، وكان له من قلبها موضع، فاتّخذ عليها جارية، وأغارها، فقالت لغلامين له زِنجييّن: إنه قد أراد قتلكما هذا الفاسق - ولاطَفتْهما - فتعاوناني على قتله؟ قالا: نعم، فدخلتْ عليه وهو نائم، وهما جميعًا معها، فقعدا على وجهه حتى مات. قال: ثم إنها سقتهما نبيذًا حتى تهوّعا حول الفراش، ثم أخرجتهما ووضعت عند رأسه قنِّينة، فلما أصبح اجتمع أهلُه، فقالت: سكر فقاء فشرِق فمات. فأخِذ الغلامان، فضُرِبا ضربًا مبرّحًا، فأقرّا بقتله، وأنّها أمرتهما بذلك، فَأخرِجت من الدار ولم تُوَرّثْ.

وذكر أبو الخطاب أنّ جعفر بن يحيى بن خالد حدّثه ليلة وهو في سَمَرِه، قال: دعا الرّشيد اليومَ بيحيى بن عبد الله بن حسن، وقد حضره أبو البختريّ القاضي ومحمد بن الحسن الفقيه صاحب أبي يوسف، وأحضر الأمان الذي كان أعطاه يحيى، فقال لمحمد بن الحسن: ما تقول في هذا الأمان؟ أصحيح هو؟ قال: هو صحيح، فحاجّه في ذلك الرشيد، فقال له محمد بن الحسن: ما تصنع بالأمان؟ لو كان محاربًا ثم وُلِّيَ كان آمنًا. فاحتملها الرشيد على محمد بن الحسن، ثم سأل أبا البختريّ أن ينظر في الأمان، فقال أبو البختريّ: هذا منتقَض من وجه كذا وكذا، فقال الرشيد: أنت قاضي القضاة، وأنت أعلم بذلك، فمزّق الأمان، وتفل فيه أبو البختريّ - وكان بكّار بن عبد الله بن مصعب حاضرًا المجلس - فأقبل على يحيى بن عبد الله بوجْهِه، فقال: شققتَ العصا، وفارقت الجماعة، وخالفت كلمتنا، وأردت خليفتنا، وفعلت بنا وفعلت. فقال يحيى: ومَنْ أنتم رحمكم الله! قال جعفر: فوالله ما تمالَك الرشيد أن ضحك ضحكًا شديدًا. قال: وقام يحيى ليمضي إلى الحبس، فقال له الرّشيد: انصرف،


(١) لا تثبت هذه الأمور بمثل هذه الأسانيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>