للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهجتي في طاعتك، وكلّ ما يقرّب إلى موافقتك؛ ولكني أعرف من أياديك عندي ما لا أعرف مثلها عند غيري؛ فكيف بشكري وقد أصبحتُ واحدَ أهل دهري فيما صنعتَه فيَّ وبي! أم كيف بشكري، وإنما أقوى على شكري بإكرامك إياي! وكيف بشكري ولو جعل الله شكري في إحصاء ما أوليتني لم يأت على ذلكَ عدّي، وكيف بشكري وأنت كهفي دون كلّ كهف لي! وكيف بشكري وأنت لا ترضَى لي ما أرضاه لي! وكيف بشكري وأنت تجدّد من نعمتك عندي ما يستغرق كلّ ما سلف عندك لي! أم كيف بشكرِي وأنت تُنسيني ما تقدّم من إحسانك إليّ بما تجدده لي! أم كيف بشكري وأنت تقدمني بطوْلك على جميع أكفائي! أم كيف بشكري وأنت ولِيِّي! أم كيف بشكري وأنت المكرِم لي! وأنا أسأل الله الذي رزَقني ذلك منك من غير استحقاق له، إذا كان الشكْر مقصرًا على بلوغٍ تأدية بعضه، بل دون شقص من عُشر عشيره، أن يتولى مكافأتك عنِّي بما هو أوسعُ له، وأقدرُ عليه، وأن يَقضيَ عني حقَّك، وجليل مِنَّتِك؛ فإن ذلك بيده، وهو القادر عليه!

* * *

وفي هذه السنة أخذ الرّشيد الخاتم من جعفر بن يحيى، فدفعه إلى أبيه يحيى بن خالد.

وفيها ولّى جعفر بن يحيى خراسان وسِجستان، واستعمل جعفرٌ عليهما محمد بن الحسن بن قحطبة (١).

وفيها شخص الرّشيد من مدينة السلام مريدًا الرَّقة على طريق الموصل، فلما نزل البَرَدان، ولّى عيسى بن جعفر خُراسان، وعزل عنها جعفر بن يحيى؛ فكانت ولاية جعفر بن يحيى إياها عشرين ليلة.

وفيها وُلِّيَ جعفر بن يحيى الحرَس (٢).


(١) انظر: البداية والنهاية [٨/ ١٠٥].
(٢) انظر: البداية والنهاية [٨/ ١٠٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>