للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على شاطئ الفرات يدعى الدّارَات، بينه وبين مدينة السلام سبعة فراسخ، وخلّف بالرّقة إبراهيم بن عثمان بن نَهيك، وأخرج معه ابنيه: محمدًا الأمين وعبد الله المأمون؛ وليّيْ عهده؛ فبدأ بالمدينة، فأعطى أهلها ثلاثة أعطية؛ كانوا يقدمون إليه فيعطيهم عطاء، ثم إلى محمد فيعطيهم عطاءً ثانيًا، ثم إلى المأمون فيعطيهم عطاء ثالثًا، ثم صار إلى مكة فأعطى أهلَها، فبلغ ذلك ألف ألف دينار وخمسين ألف دينار.

وكان الرّشيد عقد لابنه محمد ولاية العهد - فيما ذكر محمد بن يزيد عن إبراهيم بن محمد الحجَبِيّ - يوم الخميس في شعبان سنة ثلاث وسبعين ومائة، وسماه الأمين بالرّقة في سنة ثلاث وثمانين ومائة، وولّاه من حدّ همَذان إلى آخر المشرق، فقال في ذلك سَلم بن عمرو الخاسر:

بايَعَ هارونُ الهُدَى ... لِذِي الحِجى والخُلُقِ الفاضِلِ

المخلِف المُتلفِ أَموالَهُ ... والضامِن الأَثقالَ للحاملِ

والعالِم النافِذ في علمِهِ ... والحاكِم الفاضل والعادل

والرَّاتِق الفاتِقِ حلفَ الهدى ... والقائِل الصادِقِ والفاعِلِ

لِخَير عباس إِذا حُصِّلوا ... والمفْضل المجدي على العائلِ

أَبَرُّهمْ برًّا وأَولاهُمُ ... بالعُرفِ عند الحدثِ النازل

لِمُشبهِ المنصورِ في ملكه ... إِذا تدَجَّتْ ظُلمَةُ الباطل

فتمَّ بالمأمونِ نورُ الهدى ... وانكشَفَ الجَهلُ عن الجاهِل

وذكر الحسن بن قريش أن القاسم بن الرشيد، كان في حِجْر عبد الملك بن صالح، فلما بايع الرشيدُ لمحمد والمأمون، كتب إليه عبد الملك بن صالح:

يا أيها الملِكُ الّذي ... لو كان نجمًا كانَ سَعْدا

اعْقِدْ لقاسِمَ بيَعةً ... واقدَحْ له في المُلكِ زَنْدا

اللهُ فرْدٌ واحدٌ ... فاجعل ولاةَ العهدِ فرْدَا (١)

فكان ذلك أول ما حضّ الرشيد على البيعة للقاسم. ثم بايع للقاسم ابنه،


(١) انظر البداية والنهاية (٨/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>