عليه قال هذا القول، قال: ما أخلق أن يكون هذا من تخليط الحسن! أحضروه، قال: فلما حَضَر قال: ما حمَلك على أن صيَّرت هذا الرجل في الحَيْر؟ قال: رحم الله مَنْ صيَّره في الحَيْر، أمرتني أم موسى أن أصيِّره فيه، وأن أجري عليه في كل شهر ثلاثين ردهمًا. فقال: ردُّوه إلى الحَيْر، وأجروا عليه ما أجْرَتْه أم موسى، وأم موسى هي أمُّ المهدي ابنة يزيد بن منصور.
وذكر علي بن محمد أن أباه حدَّثه قال: دخلت على الرشيد في عوْن العِبادي فإذا هو في هيئة الصيف، في بيت مكشوف؛ وليس فيه فرش على مقعد عند باب في الشق الأيمن من البيت، وعليه غُلالة رقيقة، هازار رشيديٌّ عريض الأعلام، شديد التَّضْريج؛ وكان لا يخيِّش البيت الذي هو فيه، لأنه كان يؤذيه؛ ولكنه كان يدخل عليه برد الخَيش؛ ولا يجلس فيه. وكان أوَّل من اتخذ في بيت مقيله في الصيف سقفًا دون سقف، وذلك أنه لمَّا بلغه أن الأكاسرة كانوا يطيِّنون ظهورَ بيوتهم في كلِّ يوم من خارج ليكفَّ عنهم حرَّ الشمس؛ فاتخذ هو سقفًا يلي سقف البيت الذي يقيل فيه.
وقال عليٌّ عن أبيه: خُبرت أنه كان في كل يوم القيظ تغار من فِضَّة يعمل فيها العطار الطَّيب والزعفران والأفاويه وماء الورد، ثم يدخل إلى بيت مقيله، ويدخل معه سبع غَلائل قصب رشيدية تقطيع النساء، ثم تغمس الغلال في ذلك الطِّيب، ويؤتَى في كل يوم بسبع جوار، فتخلع عن كل جارية ثيابها ثم تخلع عليها غُلالة، وتجلس على كرسيٍّ مثقب، وترسل الغُلالة على الكرسي فتجلله، ثم تبخَّر من تحت الكرسي بالعود المدرج في العنبر أمدًا حتى يجف القميص عليها، يفعل ذلك بهنَّ، ويكون ذلك في بيت مقيله، فيعبق ذلك البيت بالبخور والطيب.
وذكر عليٌّ بن حمزة أن عبد الله بن عباس بن الحسن بن عبيد الله بن عليِّ بن أبي طالب قال: قال لي العباس بن الحسن: قال لي الرَّشيد: أراك تكثر من ذكر يَنْبُع وصفتها، فصفها لي وأوجز، قال: قلت: بكلام أو بشعر؟ قال: بكلام وشعر، قال: قلت: جِدَتُها في أصل عِذْقها، وعِذْقها مسرَّح شأنها، قال: فتبسَّم، فقلت له: