للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني زيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة؟ وهؤلاء أشراف العرب وملوك الناس. والله لئن كان محمَّد أصاب هؤلاء القوم لبَطنُ الأرضِ خيرٌ لنا من ظهرها.

فلما تيقَّن عدوُّ الله الخبر، خرج حتَّى قدم مكَّة، فنزل على المطَّلب بن أبي وَدَاعة بن ضُبَيرة السَّهمي، وعنده عاتكة بنت أسَيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس، فأنزلَتْه وأكرمتْه، وجعل يحَرّض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وينشد الأشعار، ويبكي على أصحاب القَليب الذين أصيبوا ببدر من قريش. ثم رجع كعب بن الأشرف إلى المدينة، فشبَّبَ بأم الفضل بنت الحارث، فقال:

أَرَاحِلٌ أنْتَ لم تَحْلُل بمَنقَبةٍ ... وتاركٌ أنت أُمَّ الفضل بالحَرَمِ!

صفْرَاءُ رادعةٌ لو تُعْصَرُ انْعَصرت ... منْ ذي القوارير والحنَّاء والكَتم

يرْتَجُّ ما بين كعبيها ومرْفقها ... إذا تأتّتْ قيامًا ثم لم تَقُم

أشباهُ أُمَّ حكيمٍ إذْ تُوَاصِلُنا ... والحبْلُ منها مَتين غيرُ مُنْجَذمِ

إحْدَى بنِي عامرٍ جُنَّ الفُؤادُ بها ... ولو تَشاء شَفتْ كعبًا من الشَّقمِ

فرعُ النَّساءِ وفرعُ القومِ والدُها ... أهلُ التَّحِلَّةِ والإيفاءِ بالذِّمَم

لم أرَ شمسًا بليلٍ قبلها طَلَعتْ ... حتى تجَلّتْ لنا في ليلةِ الظُّلَم

ثم شَبَّبَ بنساء من نساء المسلمين حتى آذاهم؛ فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كما حدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلَمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن المغيث بن أبي بُرْدة: مَنْ لي من ابن الأشرف! قال: فقال محمد بن مسلمة، أخو بني عبد الأشهل: أنا لك به يا رَسولَ الله، أنا أقتله. قال: فافْعَل إن قَدَرْت على ذلك، فرجع محمَّد بن مسلمة، فمكث ثلاثًا لا يأكل ولا يشرب. إلّا ما يعلّقُ [به] نفسه، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدعاه فقال له: لِمَ تركتَ الطعام والشراب؟ قال: يا رسول الله، قلت قولًا لا أدري أفِي به أم لا! قال: إنما عليك الجَهْد، قال: يا رسول الله، إنه لابُدَّ لنا من أن نقول. قال: قولوا ما بدا لكم، فأنتم في حلّ من ذلك!

قال: فاجتمع في قتله محمَّد بن مسلمة وسِلْكَان بن سلامة بن وَقْش - وهو أبو نائلة أحدُ بني عبد الأشهل، وكان أخا كعب من الرّضاعة - وعَبَّادُ بن بشر بن وقْش، أحد بني عبد الأشْهَل، والحارث بن أوس بن مُعاذ، أحد بني عبد الأشهل، وأبو عَبْس بن جَبْر، أخو بني حارثة. ثم قَدَّموا إلى ابن الأشرف قبل أن

<<  <  ج: ص:  >  >>