للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنبار، فذُكر عن الحسين الخليع أنه قال: لما تولَّى طاهر البُستان بباب الأنبار، دخل محمدًا أمر عظيم من دخوله بغداد، وتفرّق ما كان في يده من الأموال، وضاق ذَرْعًا، وتحرّق صدرًا، فأمر ببيع كل ما في الخزائن من الأمتعة، وضرب آنية الذّهب والفضّة دنانير ودراهم، وحملها إليه لأصحابه وفي نفقاته، وأمر حينئذ برمي الحرّبية بالنفط والنيران والمجانيق والعرّادات، يقتل بها المقبل والمدبر، ففي ذلك يقول عمرو بن عبد الملك العِتْري الوراق:

يا رماةَ المنجنيق ... كُلُّكمْ غيرُ شَفيقِ

ما تبالونَ صَدِيقًا ... كانَ أَو غيرَ صدِيقِ

ويلَكم تَدْرونَ ما ترْ ... مونَ مُرَّارَ الطَّريقِ

رُبّ خَوْدٍ ذَاتِ دَل ... وهْيَ كالغصنِ الوريقِ

أخرِجَت مِنْ جَوْف دُنيَا ... هَا وَمِنْ عَيْشٍ أَنيقِ

لم تَجدْ مِن ذَاكَ بُدا ... أُبْرِزت يومَ الحريقِ (١)

وذكر عن محمد بن منصور الباوَرْديّ، قال: لما اشتدّت شوكة طاهر علي محمد، وهزمت عساكره، وتفرق قواده كان فيمن استأمن إلى طاهر سعيد بن مالك بن قادم، فلحق به، فولاه ناحية البغيِّين والأسواق هنالك وشاطئ دَجْلة؛ وما اتّصل به أمامه إلى جسور دجلة، وأمره بحفر الخنادق وبناء الحيطان في كلِّ ما غلب عليه من الدّور والدّروب، وأمدّه بالنفقات والفَعلة والسلاح، وأمر الحربيّة بلزومه على النوائب، ووكّل بطريق دار الرقيق وباب الشام واحدًا بعد واحد؛ وأمر بمثل الذي أمر به سعيد بن مالك؛ وكثُر الخراب والهدم حتى درست محاسن بغداد؛ ففي ذلك يقول العِتْري:

مَنْ ذا أصابكِ يا بغدادُ بالعَينِ ... أَلَمْ تكُوني زمانًا قُرَّةَ العينِ!


(١) لم يذكر هذه التفاصيل والتي ستأتي لغاية الصفحة (٤٧٢) سوى الطبري من المؤرخين المتقدمين الثقات المعروفين بحيادهم وعدم انحيازهم الى فرقة معينة أو طائفة أو مذهب من مذاهب المبتدعة. وإنما ذكر خليفة والدينوري أصل الخبر ولبعض هذه التفاصيل وما بعدها انظر المنتظم لابن الجوزي (١٠/ ٣٦) وما بعدها وقد ذكرها ابن كثير مختصرًا [البداية والنهاية ٨/ ١٤٣ - ١٤٤] والمقطع الأخير رواه الحسين الخليع الشاعر كما ذكره الطبري [٨/ ٤٤٦] فكيف يعتمد على خبره؟ ! ! وهو ماجن خليع؟ !

<<  <  ج: ص:  >  >>