تُلقى بغيِّ الرّدَى أَوانِسَها ... يُرْهِقها للّقاءِ طَاهِرُها
والشيخ يَعدُو حَزمًا كتائبه ... يُقدِمُ أَعجازَها يعاوِرُها
وَلزُهيرٍ بالفِرْك مأسَدَةٌ ... مرقومةُ صلبَةٌ مَكاسِرُها
كتائبُ الموتِ تحتَ أَلوِيَةٍ ... أَبْرَحَ منصورُها وَناصِرُها
يعلم أن الأَقدار واقعة ... أَبْرَحَ منصورُها وَناصِرُها
فتلكَ بغدادُ ما يُبنَّى من الذ ... لَّةِ في دُورِها عَصافِرُها
محفوفةً بالرَّدَى مُنَطقَةً ... بِالصُّغر مَحْصُورَةً جَبابرُها
ما بين شطِّ الفراتِ منه إلى ... دِجْلةَ حيث انتهت معابِرُها
بارك هادِى الشَّقْراءَ نافِرُه ... تُرْكضُ من حولها أَشَاقِرُها
يُحْرِقها ذا وذاكَ يهدمها ... ويَشتِفي بالنهابِ شاطرُها
والكَرْخُ أَسواقِها مُعَطَّلة ... يَستنّ عَيَّارُها وعائرُها
أَخرجت الحربُ من سواقِطها ... آسادَ غِيلٍ غُلْبًا تُسَاورُها
من البواري تِرَاسُها ومن الـ ... ـخُوصِ إذا استلأَمَت مَغافرها
تَغدوُ إلى الحرب في جَواشنِها الـ ... ـصّوف إذا ما عُدَّت أَساورُها
كَتَائبُ الهِرْشِ تحت رايتهِ ... ساعَدَ طَرّارَها مُقامِرُها
لا الرزقَ تبغى ولا العطاء ولا ... يَحشُرُها للَقاء حاشِرُها
في كلّ دَرْبٍ وكلِّ ناحيةٍ ... خطَّارَةٌ يَستَهلُّ خَاطِرُها
بمثل هَامِ الرجَال من فلَق الصَّـ ... ـخر يَزُودُ المِقلاع بَائرُها
كأنما فوقَ هَامِها فِرَقٌ ... من القطا الكُدْرِ هاج نافِرُها
والقومُ من تحتها لهم زَجَلٌ ... وهي ترامى بها خَواطِرُها
بلْ هل رأَيتَ السيوفَ مُصلَتَةٌ ... أشهَرَها في الأَسواقِ شاهِرُها
والخيلَ تستَنُّ في أَزِقَّتها ... بالتُّركِ مسنونةً خَناجِرُها
وَالنّفطَ والنَّارَ في طَرائِقِها ... وهابِيا للدخَانِ عامِرُها
والنَّهبُ تَعدُو به الرِّجالُ وقَدْ ... أَبدَتْ خَلاخيلها حَرائِرُها
مُعصوصباتٍ وسطَ الأَزِقَّةِ قَدْ ... أَبرَزها للعيون ساترها
كلُّ رَقودِ الضُّحَى مخَبَّأةٍ ... لم تَبدُ في أَهلها محاجرُها
بَيْضةُ خِدرٍ مكنونةٌ بَرَزَت ... للناس منشورةً غَدائرُها
تَعثرُ في ثوبها وَتُعْجلها ... كَبَّةُ خَيلِ رِيعَتْ حَوافرُها