للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواجب عليهم، فتعلقوا به، قد أسلمه الله وأفرده؛ كلٌّ يرغبه، ويريد أن يفوز بالحظوة عندي دون صاحبه؛ حتى اضطربوا فيما بينهم، وتناولوه بأسيافهم منازعة فيه، وتشاحّا عليه، إلى أن أتيح له مغيظ لله ودينه ورسوله وخليفته، فأتى عليه وأتاني الخبر بذلك فأمرت بحمل رأس إلي، فلما أتيت به تقدمت إلى من كنت وكلت بالمدينة والخلد وما حواليها وسائر من في المسالح، في لزوم مواضعهم، والاحتفاظ بما يليهم، إلى أن يأتيهم أمري. ثم انصرفت فأعظم الله لأمير المؤمنين الصنع والفتح عليه وعلى الإسلام به وفيه.

فلما أصبحت هاج الناس واختلفوا في المخلوع، فمصدق بقتله، ومكذب وشاك وموقن، فرأيت أن أطرح عنهم الشبهة في أمره، فمضيت برأسه، لينظروا إليه فيصح بعينهم، وينقطع بذلك بعل قلوبهم، ودخل التياث المستشرفين للفساد والمستوفزين للفتنة، وغدوت نحو المدينة فاستسلم من فيها، وأعطى أهلها الطاعة، واستقام لأمير المؤمنين شرقي ما يلي مدينة السلام وغربيه وأرباعه وأرباضه ونواحيه، وقد وضعت الحرب أوزارها وتلافى بالسلام والإسلام أهله؛ وبعد الله الدغل عنهم، وأصارهم ببركة أمير المؤمنين إلى الأمن والسكون والدعة والاستقامة والاغتباط؛ والصنع من الله جل وعز والخيرة، والحمد لله على ذلك.

فكتبت إلى أمير المؤمنين حفظه الله، وليس قبلي داع إلى فتنة؛ ولا متحرك ولا ساع في فساد، ولا أحد إلا سامع مطيع باخع حاضر؛ قد أذاقه الله حلاوة أمير المؤمنين ودعة ولايته؛ فهو يتقلب في ظلها، يغدو في متجره ويروح في معايشه؛ والله ولي ما صنع من ذلك، والمتمم له، والمانّ بالزيادة فيه برحمته.

وأنا أسأل الله أن تهنئ أمير المؤمنين نعمته، ويتابع له فيها مزيده ويوزعه عليها شكره؛ وأن يجعل منته لديه متوالية دائمًا متواصلة؛ حتى يجمع الله له خير الدنيا والآخرة، ولأوليائه وأنصار حقه ولجماعة المسلمين ببركته وبركة ولايته ويمن خلافته، إنه وليّ ذلك منهم وفيّه، إنه سميع لطيف لما يشاء.

وكتب يوم الأحد لأربع بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة.

وذكر عن محمد المخلوع أنه قبل مقتله، وبعد ما صار في المدينة، ورأى الأمر قد تولى عنه، وأنصاره يتسللون فيخرجون إلى طاهر، قعد في الجناح الذي كان عمله على باب الذهب - وكان تقدم في بنائه قبل ذلك - وأمر بإحضار كل من كان

<<  <  ج: ص:  >  >>