للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمد لله مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير.

في آي من القرآن أتبع بعضها بعضًا، وحض على الطاعة ولزوم الجماعة ورغبهم في التمسك بحبل الطاعة. وانصرف إلى معسكره.

وذكر أنه لما صعد المنبر يوم الجمعة، وحضره من بني هاشم والقواد وغيرهم جماعة كثيرة، قال:

الحمد لله مالك الملك، يؤتيه من يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير. لا يصلح عمل المفسدين، ولا يهدي كيد الخائنين؛ إن ظهور غلبتنا لم يكن من أيدينا ولا كيدنا، بل اختار الله للخلافة إذ جعلها عمادًا لدينه وقوامًا لعباده، وضبط الأطراف وسد الثغور، وإعداد العدة، وجمع الفيء، وإنفاذ الحكم، ونشر العدل، وإحياء السنة، بعد إذبال البطالات، والتلذذ بموبق الشهوات. والمخلد إلى الدنيا مستحسن لداعي غرورها، محتلب درة نعمتها، ألف لزهرة روضتها كلف برونق بهجتها. وقد رأيتم من وفاء موعود الله عز وجل لمن بغي عليه، وما أحل به من بأسه ونقمته، لمّا نكب عن عهده، وارتكب معصيته، وخالف أمره، وغيره ناهيه، وعظته مردية، فتمسكوا بوثائق عصم الطاعة، واسلكوا مناحي سبيل الجماعة، واحذروا مصارع أهل الخلاف والمعصية، الذين قدحوا زناد الفتنة، وصدعوا شعب الألفة، فأعقبهم الله خسار الدنيا والآخرة (١).

* * *

ولما فتح طاهر بغداد كتب إلى أبي إسحاق المعتصم - وقد ذكر بعضهم أنه إنما كتب بذلك إلى إبراهيم بن المهدي، وقال الناس: كتبه إلى أبي إسحاق المعتصم: أما بعد، فإنه عزيز علي أن أكتب إلى رجل من أهل بيت الخلافة بغير التأمير، ولكنه بلغني أنك تميل بالرأي وتصغي بالهوى؛ إلى الناكث المخلوع،


(١) هذه الرسائل المتبادلة انفرد الطبري بذكر تفاصيلها كعادته ولم يذكر غيره إلا نتفًا أو أشار إلى بعض فحواه والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>