وأخرج الجهشياري قال: وذكر عليّ بن أبي سعيد أنه رأى رأس محمد وقد أدخله ذو الرياستين على تُرْس بيده إلى المأمون، فلما رآه سجد، ثم أمره المأمون أن ينشى كتابًا عن طاهر بخبره، ليقرأه على الناس؛ فكتب عدة كتب لم يرضها واستطالها، فكتب أحمد بن يوسف في ذلك كتابًا نُسْخَتُه: "أما بعد، فإِن المخلوع وان كان قَسيم أمير المؤمنين في النسب واللحمة، فقد فرّق حكم الكتاب والسُّنة بينه وبينه في الولاية والحُرْمة، لمفارقته عِصْمة الدين، وخروجه من الأمر الجامع للمسلمين، تقُولُ الله عزّ وجلّ فيما اقتصّ علينا من نَبَأ نوح: {قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}، ولا صِلَة لأحد في معصية الله، ولا قطيعة ما كانت القطيعة في ذات الله؛ وكتبت إلى أمير المؤمنين وقد قتل الله المخلوع، ورَدَّأَهُ رِدْءَ نكْثه، وأحصَدَ لأمير المؤمنين أمره، وأَنجز له ما كان ينتظره من وعده؛ فالحمد لله الراجع إلى أمير المؤمنين معلومَ حقه، الكائد له مَنْ خَتَرَ عَهْدَه، ونقض عَقْدَه، حتى ردّ اللهُ به الألفة بعد فرقتها، وأحيا به الأعلام بعد دُرُوسها، وجمع به الأمة بعد فرقتها، والسلام" (الوزراء والكتاب/ ٣٠٤).