للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعزُّ على هارونَ ما قَدْ لقيتُهُ ... وما مَرَّ بي من ناقِص الخلقِ أعور

فإن كَانَ ما أسدَى بأمرٍ أمرتَه ... صَبرتُ لأمرٍ مِنْ قَدِير مقدِّر

تَذَكَّر أميرَ المؤمنينَ قرابتي ... فديتك من ذي حرمةٍ متذكِّر

وقال أيضًا يرثيه:

سُبحانَ ربِك رب العزَّة الصمدِ ... ماذا أصبنَا بِهِ في صُبْحَةِ الأحَدِ

وَمَا أُصيبَ به الإسلامُ قاطبةً ... من التَّضعضع في ركنَيْهِ والأَوَدِ

مَنْ لم يُصَبْ بأمير المؤمنين وَلَمْ ... يُصبِحْ بمهلُكةٍ والهَمُّ في صُعُد

فَقَدْ أصِبتُ به حتى تبين في ... عَقلِي وديني وفي دنيايَ والْجَسَدِ

يا ليلةً يشتكي الإسلامُ مُدَّتها ... والعالَمون جميعًا آخر الأبدِ

غدرت بالملك الميمون طائرهُ ... وبالإمام وبالضرغامةِ الأَسدِ

سارتِ إلَيْهِ المنايا وهْي تَرْهبُه ... فواجهتْهُ بأوغادٍ ذوي عددِ

بشُورجينَ وأغتامٍ يقودُهُم ... قريش بالبيضِ في قُمْصٍ من الزَّرَدِ

فصادَفُوه وحيدًا لا مُعينَ لَهُ ... عليهمُ غائبَ الأنصار بالمددِ

فجرَّعوه المنَايَا غيرَ ممتنِعٍ ... فردًا فيا لكَ من مستسلم فردِ

يلقَى الوجوهَ بوجهٍ غير مبتذلٍ ... أبهَى وأنقَى من القوهيةِ الجدُدِ

واحسرتَا وقريشٌ قد أحاطَ به ... والسيفُ مُرتعِدٌ في كفِّ مرتعِد

فما تَحَرَّكَ بَلْ مازالَ منتصبًا ... منكَّسَ الرّأَس لم يبدِي ولمْ يُعِدِ

حتى إذا السيف وافى وسطَ مفرقِه ... أذرتْهُ عنهُ يداه فعلَ متَّئد

وقام فاعتلقتْ كَفَّاُه لبَّته ... كضيغمٍ شرسٍ مستبسلٍ لبدِ

فاحتزَّهُ ثم أهوىِ فاستقلَّ به ... للأرضِ من كفِّ ليثٍ محرجٍ حردِ

فكادَ يقتلُهُ لَوْ لمْ يكاثِرهُ ... وقام منفلتًا منْه ولمْ يكدِ

هذا حديثُ أمير المؤمنينَ وما ... نقصتُ من أمرهِ حرفًا ولَمْ أزدِ

لا زلتُ أندُبه حتَّى المماتِ وإن ... أخنَى عليه الَّذي أخنَى على لبدِ (١).


(١) هذه القصائد في مراثي الأمين استغرقت الصفحات (٥٠١ - ٥٠٢ - ٥٠٣ - ٥٠٤ - ٥٠٥ - ٥٠٦ - ٥٠٧) ذكر المسعودي بعضها في تأريخه وكذلك ابن الأثير في الكامل، وقال الحافظ ابن كثير وقد ذكر ابن جرير مراثي كثيرة للناس في الأمين وذكر من أشعار الذين هجوه طرفًا (البداية والنهاية ٨/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>