ولو كانُوا لهم كفوًا وَمثلًا ... إذَّا مَا تُوِّجُوا تِيجانَ عارِ
ألا بانَ الإِمامُ ووارثاه ... لَقَدْ ضرَما الحشَا منَّا بنار
وقالوا الخُلدُ بيعَ فقلتُ ذلًا ... يَصيرُ ببائعيهِ إلى صَغَارِ
كذاكَ المُلكُ يتبع أوّليهِ ... إذا قُطعَ القرَارُ منَ القرَارِ
وقال مقدِّس بن صيفي يرثيه:
خليلي ما أتتكَ به الخطوبُ ... فقد أعطتكَ طاعتهُ النحيبُ
تدلَّتْ مِنْ شماريخِ المنايَا ... مَنَايا ما تقومُ لها القلوبُ
خلال مقابرِ البستانِ قبرٌ ... يجاورُ قبرهُ أسدٌ غريبُ
لقد عَظمَتْ مُصيبتُه عَلى مَنْ ... له في كلِّ مَكْرُمَةٍ نصيبُ
على أمثالهِ العبراتُ تذرَى ... وتهتكُ في مآتمِهِ الجيوبُ
وما اذَّخرَتْ زبيدةُ عنهُ دمعًا ... تخصُّ به النَّسيبةُ والنَّسيبُ
دعُوا مُوسى ابنَه لِبكَاءِ دَهرٍ ... على مُوسى ابنِهِ دَخَلَ الخريب
رأيتُ مشاهدَ الخلفاء منهُ ... خلاءً ما بساحتِها مجيبُ
ليهنِكَ أنَّني كهلٌ عليه ... أذوبُ وفي الحشا كبدٌ تذوبُ
أصيبَ به البعيدُ فخرَّ حُزْنًا ... وعاين يومَهُ فيهِ المريبُ
أنادى مِنْ بطونِ الأرضِ شخصًا ... يحرِّكُهُ النِّدَاءُ فما يُجيبُ
لئن نعتِ الحُرُوبُ إليه نفسًا ... لقَدْ فُجِعَتْ بمصرعِهِ الحروبُ
وقال خزيمة بن الحسن يرثيه على لسان أم جعفر:
لخيْرِ إمامٍ قامَ من خيْر عُنصرِ ... وأفضَل سامٍ فوقَ أعوادِ منْبر
لوارِثِ علمِ الأولينَ وفهمِهِم ... وللملِكِ المأمونِ من أمِّ جعفرِ
كتبْتُ وعينِي مُستَهِلٌّ دموعُها ... إليك ابنَ عمِّي من جُفوني ومَحجري
وقد مسَّني ضرٌ وذلٌّ كآبةٍ ... وأرَّقَ عيني يا بنَ عمِّي تفكري
وهِمتُ لما لاقيْتُ بعدَ مُصابِه ... فأَمري عظيم منكر جدَّ منكر
سأشكو الذي لا قيتُهُ بعدَ فقدِهِ ... إليْكَ شكاةَ المستهامِ المقَهَّر
وأرجُو لما مرَّ بي مُذْ فَقَدْته ... فأنت لبثي خيرُ ربٍّ مغير
أتى طاهرٌ لا طهَّرَ اللهُ طاهرًا ... فما طاهر فيما أتَى بمطَهَّرِ
فأخرجني مكشوفَةَ الوجهِ حاسرًا ... وأنهَبَ أموالي وأحرقَ آدرِي