ما استنزَلَت دَرَّةُ المنونِ على ... أكرمِ من حلَّ في ثرَى رَحِمِةْ
خليفةُ الله في بريَّتِه ... تَقصُر أيدي المُلوكِ عن شِيمه
يفترّ عَنْ وجهِهِ سَنَا قمرٍ ... ينشقّ عن نُورِهِ دُجَى ظُلمِهْ
زُلزِلَتِ الأرضُ مِنْ جَوَانِبها ... إذْا أولِغَ السَّيْف من نجِيع دَمِهْ
مَن سكَتَتْ نفسهُ لمصرعهِ ... من عُمُم النَّاس أو ذوِي رحمهْ
رأيتُهُ مثلَ ما رآهُ به ... حَتى تذوقَ الأمَرَّ مِنْ سقَمِهْ
كَمْ قَدْ رأينا عزيزَ مملكَةٍ ... يُنقَلُ عن أهلِهِ وعَنْ خَدَمِه
يا مَلِكًا لَيْسَ بَعْدَهُ ملِكٌ ... لخاتَمِ الأَنبياءِ في أمَمِهْ
جادَ وحيَّا الذي أقمتَ به ... سَحٌّ غزيرُ الوكيفِ من دِيَمِهْ
لو أحجَمَ الموتُ عن أخي ثقَة ... أسْوِىَ في العِزِّ مستَوَى قَدَمِهْ
أو ملِكٍ لا تُرَامُ سطوَتُهُ ... إلَّا مُرامَ الشَّتيمِ في أجمِهْ
خلَّدَكَ العزُّ ما سَرَى سَدَفٌ ... أو قامَ طِفلُ العشيِّ في قدَمهْ
أصبحَ مُلكٌ إذا اتَّزرْتَ به ... يقرَعُ سِنّ الشُّقاةِ من ندمه
أثر ذو العرش في عِدَاكَ كما ... أثّر في عادِهِ وفي إرَمِه
لا يبعدِ الله سُورَةً تليتْ ... لخير داعٍ دعاه في حرمِه
ما كنت إلا كحُلم ذي حُلمٍ ... أولَج بابَ السُّرورِ في حُلمِه
حتَّى إذا أطلَقتْهُ رَقدَته ... عادَ إلى ما اعتراهُ من عَدَمِه
وقال أيضًا يرثيه:
أقولُ وَقَدْ دنوتُ منَ الفرارِ ... سُقيتَ الغيثَ يا قصرَ القرارٍ
رمتكَ يدُ الزمانِ بسهم عين ... فصرتَ ملوَّحًا بدخانِ نارِ
أبنْ لي عَنْ جميعكَ أينَ حلُّوا ... وأينَ مزارُهم بعدَ المزارِ
وأينَ محمدٌ وابناهُ ما لي ... أرَى أطلالهُمْ سودَ الديارِ!
كأن لم يؤنَسُوا بأَنيس مُلكٍ ... يصونُ على المُلُوك بخيْر جارِ
إمامٌ كان في الحِدثانِ عونًا ... لَنَا والغيثَ يَمْنَحُ بالقِطَارِ
لَقَدْ تَرَكَ الزَمَانُ بني أبِيهِ ... وقد غمرتهمُ سُودُ البِحَارِ
أضاعُوا شمسهمْ فجرت بنَحْسٍ ... فصارُوا في الظَّلَام بلا نهارِ
وأجْلَوْا عنهمُ قمرًا مُنيرًا ... وداستهمْ خيُولُ بني الشِّرار