للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشركون، وكان المسلمون لمّا أصابهم ما أصابهم من البلاء أثلاثًا: ثلث قتيل، وثلث جريح، وثلث منهزم؛ وقد جهدته الحرب حتى ما يدري ما يصنع، وأصيبت رَبَاعِيَةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السفْلى، وشُقَّتْ شفته، وكُلِم في وجنتيه وجبْهته في أصول شعره، وعلاه ابنُ قميئة بالسّيف على شقّه الأيمن؛ وكان الذي أصابه عُتْبة بن أبي وقاص (١). (٢: ٥١٤/ ٥١٥).

١٢٣ - حدَّثنا ابن بشار، قال: حدَّثنا ابن أبي عَدِيّ، عن حُمَيد، عن أنس بن مالك، قال: لمَّا كان يوم أحدٍ، كُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشُجَّ، فجعل الدم يسيل على وجهه، وجعل يمسح الدم عن وجهه، ويقول: كيف يُفلح قومٌ خضَّبوا وجه نبيّهم بالدم. وهو يدعوهم إلى الله عزّ وجلّ! فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {لَيسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيءٌ} الآية (٢). (٢: ٥١٥).

١٢٣ / أ- قال أبو جعفر: وقاتَل مُصعب بن عمير دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه لواؤه حتى قتل؛ وكان الذي أصابه ابن قَمِيئة الليثيّ. وهو يظنّ أنَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فرجع إلى قريش، فقال: قتلت محمدًا. فلما قتِل مُصعب بن عمير أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللواءَ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وقاتل حمزة بن عبد المطلب حتى قتل أرطاة بن عبد شُرَحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصيّ؛ وكان أحدَ النّفر الَّذين يحملون اللِّواء، ثم مَرّ به سباع بن عبد العُزَّى الغُبْشانيّ -وكان يكنى بأبي نِيَار- فقال له حمزة بن عبد المطلب: هلمَّ إليّ يا بن مُقَطِّعة البُظور- وكانت أمّه أم أنمار مولاة شريق بن عمرو بن وهب الثقفيّ، وكانت ختَّانة بمكَّة - فلمَّا التقيا ضربه حمزة فقتله، فقال وَحْشِيّ غُلامُ جبَير بن مطعِم: والله إني لأنْظُر إلى حمزة يَهُذُّ الناس بسيفه، ما يُليق شيئًا يمرُّ به؛ مثل الجمل الأورق؛ إذ تقدَّمني إليه سباع بن عبد العزّى، فقال له حمزة: هلُمَّ إليّ يا بن مقطِّعة البظور! فضربه؛ فكأنما أخطأ رأسَه، وهززت حربتي حتى إذا رضيتُ منها دفعتُها عليه فوقعت في لَبّته حتى خرجت من بين رجليه، وأقبل


(١) ذكر الطبري هذا بلاغًا وإصابة رباعيته - صلى الله عليه وسلم - صحيح كما سنذكر بعد قليل.
(٢) حديث صحيح أخرجه الترمذي في سننه (كتاب التفسير ح ٣٠٠١، ٣٠٠٢) وقال: حسن صحيح وأخرجه مسلم في صحيحه (باب غزوة أحد / ١٧٩١) وأخرجه البخاري موصولًا من حديث ابن عباس (ح ٤٠٧٤) مختصرًا ومعلقًا من حديث أنس والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>