فقد أخرج البخاري في صحيحه -كتاب المغازي باب قتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه (ح ٤٠٧٢) حديثًا طويلًا من طريق جعفر بن عمرو بن أمية الضمري وعبيد الله بن عدي بن الخيار عن وحشي (مولى جبير بن مطعم) وفيه فلما أن خرج الناس عام عينين (وعينين جبل بحيال أحد بينه وبينه واد) خرجت مع الناس إلى القتال فلما اصطفوا للقتال خرج سباع فقال: هل من مبارز؟ قال فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فقال: يا سباع، يا بن أم أنمارٍ مقطعة البظور، أتحادّ الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: ثم شدّ عليه فكان كأمس الذاهب قال: وكمنت لحمزة تحت صخرة، فلما دنا مني رميته بحربتي فأضعها في ثنيته حتى خرجت من بين وركيه، قال: فكان ذاك العهد به اهـ. وأخرج البخاري في صحيحه -كتاب المغازي (ح ٤٠٨٦) من حديث أبي هريرة الطويل في سرية عاصم بن ثابت رضي الله عنه. وفي آخره (وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قتل عطيمًا من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدّبْر فحمته من رُسُلِهم فلم يقدروا منه على شيء) وقال الحافظ في شرح هذا الحديث: ووقع عند ابن إسحاق وكذا في رواية بريدة بن سفيان أن عاصمًا لما قتل أرادت هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت! سعد بن شهيد وهي أم مسافع وجلاس ابني طلحة العبدري، وكان عاصم فتلهما يوم بدر وكانت نذرت لئن قدرت على رأس عاصم لتشربنَّ الخمر في قحفِه، فمنعته الدبر، (فإن كان محفوظًا) احتمل أن تكون قريش لم تشعر بما جرى لهذيل من منع الدبر لها من أخذ رأس عاصم، فأرسلت من يأخذه أو عرفوا بذلك ورجوا أن تكون الدبر تركته فيمكنوا من أخذه - وقال الحافظ كذلك. وفي رواية الأسود عن عروة (فبعث الله عليهم الدبر تطير في وجوههم وتلدغهم فحالت بينهم وأن يقطعوا). وفي رواية ابن إسحاق عن عاصم بن عمر عن قتادة قال: (كان عاصم بن ثابت أعطى الله عهدًا أن لا يمسه مشرك ولا يمس مشركًا أبدًا) (فتح الباري ٧/ ٤٤٤).