المسيّب حينئذ مقيم بإسكاف بني الجُنيد، وهو عامل الحسن على جوخَى مقيم في عمله؛ فكان يكاتب قوّاد أهل بغداد. فبعث ابنه الأزهر، مضى حتى انتهى إلى نهر النهروان، فلقي محمد بن أبي خالد، فركب إليه، فأتاه بإسكاف، فأحاط به فأعطاه الأمان، وأخذه أسيرًا، فجاء به إلى عسكره بدير العاقول، وأخذ أمواله ومتاعه وكلّ قليل وكثير وجد له. ثم تقدّم محمد بن أبي خالد، فلما صار إلى واسط بعث به إلى بغداد، فحبسه عند ابن له مكفوف، يقال له جعفر؛ فكان الحسن مقيمًا بجرْجرايا، فلما بلغه خبر زهير، وأنه قد صار في يد محمد بن أبي خالد ارتحل حتى دخل واسط، فنزل بفم الصِّلح، ووجه محمّد من دير العاقول ابنَه هارون إلى النيل وبها سعيد بن الساجور الكوفيّ، فهزمه هارون، ثم تبعه حتى دخل الكوفة، فأخذها هارون، وولّى عليها. وقدم عيسى بن يزيد الجُلوديّ من مكّة، ومعه محمد بن جعفر، فخرجوا جميعًا حتى أتوْا واسط في طريق البرّ، ثم رجع هارون إلى أبيه، فاجتمعوا جميعًا في قرية أبي قريش ليدخلوا واسط، وبها الحسن بن سهل، فتقدّم الحسن بن سهل، فنزل خلف واسط في أطرافها.
وكان الفضل بن الربيع مختفيًا من حين قتل المخلوع، فلما رأى أن محمد بن أبي خالد. قد بلغ واسطَ بعث إليه يطلب الأمان منه، فأعطاه إياه وظهر. ثم تعبّأ محمد بن أبي خالد للقتال، فتقدّم هو وابنه عيسى وأصحابهما، حتى صاروا على ميلين من واسط، فوجّه إليهم الحسن أصحابَه وقوّاده، فاقتتلوا قتالًا شديدًا عند أبيات واسط. فلما كان بعد العصر هبّت ريح شديدة وغُبْرة حتى اختلط القوم بعضهم ببعض، وكانت الهزيمة على أصحاب محمد بن أبي خالد، فثبت للقوم فأصابتْه جراحات شديدة في جَسَده، فانهزم هو وأصحابه هزيمةً شديدة قبيحة، فهزم أصحابه الحسن، وذلك يوم الأحد لسبع بقين من شهر ربيع الأول سنة إحدى ومائتين.
فلما بلغ محمد فم الصِّلْح خرج عليهم أصحابُ الحسن فصافّهم للقتال، فلما جنّهم الليل، ارتحلَ هو وأصحابه حتى نزلوا المبارك، فأقاموا به؛ فلمّا أصبحوا غدَا عليهم أصحابُ الحسن فصافّوهم، واقتتلوا.
فلما جنّهم الليل ارتحلوا حتى أتوا جَبُّل، فأقاموا بها، ووجّه ابنه هارون إلى