النيل، فأقام بها، وأقام محمد بجَرْجَرايا، فلما اشتدّت به الجراحات خلّف قوّاده في عسكره، وحمَله ابنه أبو زنبيل حتى أدخله بغداد ليلة الإثنين لستّ خلوْن من شهر ربيع الآخر، فدخل أبو زنبيل ليلة الإثنين، ومات محمد بن أبي خالد من ليلته من تلك الجراحات، ودفن من ليلته في داره سرًّا.
وكان زهير بن المسيّب محبوسًا عند جعفر بن محمد بن أبي خالد، فلما قدم أبو زنبيل أتى خزيمة بن خازم يوم الإثنين لثمان خلون من شهر ربيع الآخر، فأعلمه أمر أبيه، فبعث خزيمة إلى بني هاشم والقوّاد وأعلمهم ذلك، وقرأ عليهم كتاب عيسى بن محمد بن أبي خالد، وأنه يكفيهم الحرب. فرضوا بذلك، فصار عيسى مكان أبيه على الحرْب، وانصرف أبو زنبيل من عند خُزيمة حتى أتى زهير بن المسيّب، فأخرجه من حَبْسه، فضرب عنقه ويقال: إنه ذبحه ذبحًا وأخذ رأسه، فبعث به إلى عيسى في عسكره، فنصبه على رمح وأخذوا جسدَه، فشدّوا في رجليه حبلًا، ثم طافوا به في بغداد، ومرّوا به على دوره ودور أهل بيته عند باب الكوفة، ثم طافوا به في الكرْخ، ثم ردُّوه إلى باب الشام بالعشيّ؛ فلما جنّهم الليل طرحوه في دِجلة، وذلك يوم الإثنين لثمان خلوْن من شهر ربيع الآخر.
ثم رجع أبو زنبيل حتى انتهى إلى عيسى فوجّهه عيسى إلى فم الصّراة.
وبلغ الحسن بن سهل موت محمد بن أبي خالد، فخرج من واسط حتى انتهى إلى المُبارك، فأقام بها. فلما كان جمادى الآخرة وجّه حميد بن عبد الحميد الطوسيّ ومعه عركو الأعرابيّ وسعيد بن الساجور وأبو البط ومحمد بن إبراهيم الإفريقيّ، وعدّة سواهم من القوّاد، فلقوا أبا زنبيل بفم الصَّراة فهزموه، وانحاز إلى أخيه هارون بالنّيل، فالتقوْا عند بيوت النيل، فاقتتلوا ساعة، فوقدت الهزيمة على أصحاب هارون، وأبي زنبيل، فخرجوا هاربين حتى أتوا المدائن؛ وذلك يوم الإثنين لخمس بَقين من جمادى الآخرة.
ودخل حميد وأصحابه النِّيل فانتهبوها ثلاثة أيام؛ فانتهبوا أموالَهم وأمتعتهم، وانتهبوا ما كان حوْلهم من القرى؛ وقد كان بنو هاشم والقوّاد حين مات محمد بن أبي خالد تكلّموا في ذلك؛ وقالوا: نصيّر بعضنا خليفة ونخلع المأمون، فكانوا يتراضَوْن في ذلك، إذ بلغهم خبر هارون وأبي زنبيل وهزيمتهم، فجدُّوا فيما