كانوا فيه، وأرادوا منصور بن المهديّ على الخلافة؛ فأبى ذلك عليهم، فلم يزالوا به حتى صيّروه أميرًا خليفة للمأمون ببغداد والعراق، وقالوا: لا نرضى بالمجوسيّ ابن المجوسيّ الحسن بن سهل، ونطرده حتى يرجع إلى خراسان.
وقد قيل: إنّ عيسى بن محمد بن أبي خالد لمّا اجتمع إليه أهل بغداد، وساعدوه على حرب الحسن بن سهل، رأى الحسن أنه لا طاقة له بعيسى، فبعث إليه وهب بن سعيد الكاتب، وبذَل له المصاهرة ومائة ألف دينار والأمان له ولأهل بيته ولأهل بغداد وولاية أيّ النواحي أحبّ، فطلب كتاب المأمون بذلك بخطِّه، فردّ الحسن بن سهل وهبًا بإجابته، فغرق وهب بين المُبارك وجبل؛ فكتب عيسى إلى أهل بغداد: إني مشغول بالحرب عن جباية الخراج، فولّوا رجلًا من بني هاشم، فولوْا منصور بن المهديّ، وعسكر منصور بن المهديّ بكَلْواذَى، وأرادوه على الخلافة فأبى، وقال: أنا خليفة أمير المؤمنين حتى يقدم أو يولي مَنْ أحبّ، فرضى بذلك بنو هاشم والقوّاد والجند؛ وكان القيّم بهذا الأمر خزيمة بن خازم، فوجّه القوّاد في كلّ ناحية، وجاء حميد الطوسي من فوره في طلب بني محمد حتى انتهى إلى المدائن، فأقام بهما يومه، ثم انصرف إلى النيل.
فلما بلغ منصورًا خبرُه خرج حتى عسكر بكَلْواذى، وتقدّم يحيى بن عليّ بن عيسى بن ماهان إلى المدائن.
ثم إن منصورًا وجّه إسحاق بن العباس بن محمد الهاشميّ من الجانب الآخر، فعسكر بنهر صَرْصر، ووجّه غسان بن عباد بن أبي الفرج أبا إبراهيم بن غسان صاحب حرس صاحب خُراسان ناحية الكوفة، فتقدّم حتى أتى قصر ابن هبيرة، فأقام به. فلما بلغ حُميدًا الخبر لم يعلم غسان إلا وحُميد قد أحاط بالقصر، فأخذ غسانَ أسيرًا، وسلب أصحابه، وقتل منهم، وذلك يوم الإثنين لأربع خلوْن من رجب.
ثم لم يزل كلُّ قوم مقيمين في عساكرهم، إلّا أن محمد بن يقطين بن موسى كان مع الحسن بن سهل، فهرب منه إلى عيسى، فوجّهه عيسى إلى منصور، فوجّهه منصور إلى ناحية حُميد، وكان حُميد مقيمًا بالنيل إلّا أنّ له خيلا بالقَصْر.
وخرج ابن يقطين من بغداد يوم السبت لليلتين خَلَتا من شعبان حتى أتى