من بعده، ويأمره أن يتقدّم إلى بغداد حتى يحاصر أهلها، فارتحل حتى نزل سمّر، وكتب إلى حميد بن عبد الحميد أن يتقدّم إلى بغداد حتى يحاصر أهلها من ناحية أخرى، ويأمر بلباس الخُضرة، ففعل ذلك حميد. وكان سعيد بن الساجور وأبو البطّ وغسان بن أبي الفرج ومحمد بن إبراهيم الإفريقيّ وعِدّة من قوّاد حُميد كاتبوا إبراهيم بن المهديّ، على أن يأخذوا له قصر ابن هبيرة. وكان قد تباعد ما بينهم وبين حميد، فكانوا يكتبون إلى الحسن بن سهل يخبرونه أن حُميدًا يكاتب إبراهيم، وكان يكتب فيهم بمثل ذلك، وكان الحسن يكتب إلى حُميد يسأله أن يأتيه فلم يفعل، وخاف إن هو خرج إلى الحسن أن يثب الآخرون بعسكره، فكانوا يكتبون إلى الحسن أنّه ليس يمنعه من إتيانك إلّا أنه مخالف لك، وأنه قد اشترى الضياع بين الصّراة وسُورا والسواد. فلما ألحّ عليه الحسن بالكُتب، خرج إليه يوم الخميس لخمس خلون من ربيع الآخر، فكتب سعيد وأصحابه إلى إبراهيم يعلمونه، ويسألون أن يبعث إليهم عيسى بن محمد بن أبي خالد، حتى يدفعوا إليه القصر وعسكر حميد، وكان إبراهيم قد خرج من بغداد يوم الثلاثاء حتى عسكر بكَلْواذى يريد المدائن، فلما أتاه الكتاب وجّه عيسى إليهم.
فلما بلغ أهلَ عسكر حميد خروجُ عيسى ونزوله قرية الأعراب على فرسخ من القصر تهيّئوا للهرب؛ وذلك ليلة الثلاثاء، وشدّ أصحاب سعيد وأبي البطّ والفضل بن محمد بن الصباح الكنديّ الكوفيّ على عسكر حميد؛ فانتهبوا ما فيه، وأخذوا لحُميد - فيما ذكر - مائة بَدْرة أموالًا ومتاعًا، وهرب ابن لحُميد ومعاذ بن عبد الله، فأخذ بعضهم نحو الكوفة وبعض نحو النيل؛ فأمّا ابنُ حميد، فإنه انحدر بجواري أبيه إلى الكوفة، فلما أتى الكوفة اكترى بغالًا ثم أخذ الطريق، ثم لحق بأبيه بعسكر الحسن، ودخل عيسى القصر وسلّمه له سعيد وأصحابه، وصار عيسى وأخذه منهم، وذلك يوم الثلاثاء لعشر خلون من ربيع الآخر. وبلغ الحسن بن سهل وحميد عنه، فقال له حميد: ألم أعلمك بذلك! ولكن خُدعت، وخرج من عنده حتى أتى الكوفة، فأخذ أموالًا له كانت هنالك ومتاعًا. وولّى على الكوفة العباس بن موسى بن جعفر العلويّ، وأمره بلباس الخضرة، وأن يدعُو للمأمون ومن بعده لأخيه عليّ بن موسى، وأعانه بمائة ألف