درهم، وقال له: قاتل عن أخيك، فإن أهل الكوفة يُجيبونك إلى ذلك؛ وأنا معك.
فلمّا كان الليل خرج حميد من الكوفة وترَكه، وقد كان الحسن وجّه حكيمًا الحارثيّ حين بلغه الخبر إلى النيل، فلما بلغ ذلك عيسى وهو بالقصر تهيّأ هو وأصحابه، حتى خرجوا إلى النّيل؛ فلما كان ليلة السبت لأربع عشرة ليلة خلتْ من ربيع الآخر طلعت حُمرة في السماء، ثم ذهبت الحمرة، وبقي عمودان أحمران في السماء إلى آخر الليل؛ وخرج غداة السبت عيسى وأصحابه من القصر إلى النيل، فواقعهم حكيم، وأتاهم عيسى وسعيد وهم في الوقعة، فانهزم حكيم، ودخلوا النِّيل.
فلما صاروا بالنِّيل، بلغهم خبر العباس بن موسى بن جعفر العلويّ، وما يدعو إليه أهل الكوفة، وأنه قد أجابه قوم كثير منهم، وقال له آخرون: إن كنتَ تدعو للمأمون ثم من بعده لأخيك فلا حاجةَ لنا في دعوتك، وإن كنت تدعو إلى أخيك أو بعض أهل بيتك أو إلى نفسك أجبناك. فقال: أنا أدعو إلى المأمون ثم من بعده لأخي؛ فقعد عنه الغالية من الرّافضة وأكثر الشيعة. وكان يُظهر أن حميدًا يأتيه فيعينه ويقوّيه، وأن الحسن يوجّه إليه قومًا من قبَله مددًا، فلم يأته منهم أحد، وتوجّه إليه سعيد وأبو البط من النيل إلى الكوفة، فلما صاروا بدير الأعور، أخذوا طريقًا يخرج بهم إلى عسكر هرثمة عند قرية شاهي.
فلمّا التأم إليه أصحابه، خرجوا يوم الإثنين لليلتين خَلتَا من جمادى الأولى. فلما صاروا قرب القنطرة خرج عليهم عليّ بن محمد بن جعفر العلويّ، ابن المبايع له بمكة. وأبو عبد الله أخو أبي السرايا ومعهم جماعة كثيرة، وجّههم مع علي بن محمد ابنُ عمه صاحب الكوفة العباسُ بن موسى بن جعفر، فقاتلوهم ساعة، فانهزم عليّ وأصحابه حتى دخلوا الكوفة، وجاء سعيد وأصحابه حتى نزلوا الحيرة؛ فلمّا كان يوم الثلاثاء غدوْا فقاتلوهم مما يلي دار عيسى بن موسى، وأجابهم العباسيون ومواليهم، فخرجوا إليهي من الكوفة، فاقتتلوا يومهم إلى الليل، وشعارهم:"يا إبراهيم يا منصور، لا طاعة للمأمون"، وعليهم السّواد، وعلى العباس وأصحابه من أهل الكوفة الخُضْرة.
فلما كان يوم الأربعاء اقتتلوا في ذلك الموضع، فكان كلّ فريق منهم إذا