المؤمنين، وعجّل إجابة أمير المؤمنين بما يكون منك في خريطة بُنْداريّة مفردة عن سائر الخرائط، لتعرّف أمير المؤمنين ما يعملونه إن شاء الله.
وكتب سنة ثمان عشرة ومائتين.
فأجاب القوم كلُّهم حين أعاد القول عليهم إلى أنّ القرآن مخلوق، إلّا أربعة نفر؛ منهم أحمد بن حنبل وسجّادة والقواريريّ ومحمد بن نوح المضروب. فأمر بهم إسحاق بن إبراهيم فشُدّوا في الحديد؛ فلما كان من الغد دعا بهم جميعًا يساقون في الحديد، فأعاد عليهم المحنة، فأجابه سجّادة إلى أن القرآن مخلوق، فأمر بإطلاق قَيْده وخلّى سبيلَه، وأصرَّ الآخرون على قولهم؛ فلمّا كان من بعد الغد عاودهم أيضًا، فأعاد عليهم القول، فأجاب القواريريّ إلى أن القرآن مخلوق، فأمر بإطلاق قيده، وخلّى سبيله، وأصرّ أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح على قولهما، ولم يرجعا، فشُدّا جميعًا في الحديد، ووُجّها إلى طَرَسُوس، وكتب معهما كتابًا بإشخاصهما، وكتب كتابًا مفردًا بتأويل القوم فيما أجابوا إليه. فمكثوا أيامًا، ثمّ دعا بهم فإذا كتابٌ قد ورد من المأمون على إسحاق بن إبراهيم، أن قد فهم أمير المؤمنين ما أجاب القوم إليه، وذكر سليمان بن يعقوب صاحب الخبر أنّ بشر بن الوليد تأوّل الآية التي أنزلها الله تعالى في عمار بن ياسر:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} وقد أخطأ التأويل؛ إنما عنى الله عزّ وجلّ بهذه الآية مَنْ كان معتقد الإيمان، مظهرَ الشرك، فأما مَنْ كان معتقدَ الشّرك مظهر الإيمان، فليس هذه له، فأشخصْهم جميعًا إلى طَرَسُوس؛ ليقيموا بها إلى خروج أمير المؤمنين من بلاد الروم.
فأخذ إسحاق بن إبراهيم من القوم الكُفلاء ليوافُوا العسكر بطَرسوس، فأشخص أبا حسان وبشر بن الوليد والفضل بن غانم وعليّ بن أبي مقاتل والذّيال بن الهيثم ويحيى بن عبد الرحمن العمريّ وعليّ بن الجَعْد وأبا العوَّام وسجّادة والقواريريّ وابن الحسن بن عليّ بن عاصم وإسحاق بن أبي إسرائيل والنّضْر بن شُميل وأبا نصر التمار وسعدويه الواسطيّ ومحمد بن حاتم بن ميمون وأبا معمَر وابن الهرْش وابن الفرُّخان وأحمد بن شجاع وأبا هارون بن البكّاء. فلما صاروا إلى الرَّقة بلغتهم وفاة المأمون: فأمر بهم عنبسة بن إسحاق - وهو والي الرَّقة - أن يصيروا إلى الرقة، ثم أشخصهم إلى إسحاق بن إبراهيم بمدينة