قلت: المعروف من سيرة القاضي يحيى بن أكثم أنه تولى القضاء ثم كان كالوزير للمأمون وكان مقدمًا على غيره عند المأمون - لثقة المأمون بدينه وعدله ورجحان عقله ولو أقاله أو طرده لعرف ذلك ولذكره المؤرخون ومنهم الطبري قبل ذكره لهذه الوصية - وكثير من الوزراء طردوا أو أبعدوا فذكر الأخباريون ذلك والقاضي يحيى بن أكثم وإن اتهمه بعضهم - اعتمادًا على من لا يحتج بروايته - بتهم شخصية لا علاقة لها بالقضاء والحكم بين الناس وهي تهم ردّها الإمام أحمد وغير واحد، وبالعكس مما جاء في خبر الطبري فإنه كان شديدًا في الحق لا تأخذه في ذلك لومة لائم وإليك أقوال الأئمة فيه: قال الخطيب البغدادي في ترجمته: كان من أئمة الاجتهاد وله تصانيف، وقال حدث عنه الترمذي وأبو حاتم والبخاري خارج صحيحه وغيرهم، وقال أيضًا كان واسع العلم باللغة كثير الأدب، قال الفضل الشعراني سمعت يحيى بن أكثم يقول القرآن كلام الله فمن قال مخلوق يستتاب فإن تاب وإلّا ضربت عنقه (تأريخ بغداد/ ١٤/ ١٩٨) وسئل عنه أحمد فقال ما عرفناه ببدعة (تهذيب/ تر ١٤٨٦)، قال الصولي: سمعت إسماعيل القاضي يعظم شأن يحيى بن أكثم وذكر له يوم قيامه في وجه المأمون لمّا أباح متعة النساء فما زال به حتى رده إلى الحق ونص له الحديث في تحريمه ويعني به حديث مسلم (ح ١٤٠٦) باب نكاح المتعة. ثم قال القاضي إسماعيل في ردّ التهم الموجّهة إليه (فيما يتعلق بخلقه وسلوكه الشخصي) معاذ الله أن تزول عدالة مثله بكذب باغٍ أو حاسد (انظر تأريخ بغداد/ ١٤/ ٢١٠). =