بالصفصاف فكان شخوص أشناس يوم الأربعاء لثمانٍ بقينَ من رجب، وقدَّمَ المعتصم وصيفًا في إثر أشناس على مقدِّمات المعتصم، ورحل المعتصم يوم الجمعة لستٍّ بقينَ من رجب.
فلما صارَ أشناس بمرج الأُسقُف، ورد عليه كتاب المعتصم من المطامير يعلمهُ أن الملك بين يديه، وأنه يريد أن يجوز العساكرُ اللِمس، فيقف على المخاضة، فيكبسهم، ويأمره بالمقام بمرج الأسقُف - وكان جعفر بن دينار على ساقة المعتصم - وأعلم المعتصم أشناس في كتابهِ أن ينتظر موافاة الساقة، لأن فيها الأثقال والمجانيق والزَّاد وغير ذلك؛ وكانَ ذلكَ بعد في مضيق الدرب لم يخلُص، ويأمرهُ بالمقامِ إلى أن يتخلص صاحب الساقة من مضيق الدَّرب بمن معه، ويُصحر حتى يصير في بلاد الروم.
فأقام اشناس بمرج الأسقف ثلاثة أيام؛ حتى ورد كتاب المعتصم، يأمرهُ أن يوجِّهَ قائدًا من قُواده في سرية يلتمسون رجلًا من الروم، يسألونهُ عن خبر الملك ومَنْ معهُ، فوجَّهَ أشناس عمرًا الفرغانيِّ في مائتي فارس، فسارَوا ليلتهم حتى أتوا حصن قرَّة فخرجوا يلتمسون رجلًا من حَوْلِ الحصن؛ فلم يمكن ذلكَ، ونذر بهم صاحب قُرة، فخرج في جميع فرسانه الذين كانوا معهُ بالقُرَّة، وكمن في الجبل الذي فيما بين درَّة ودُرَّة؛ وهو جبل كبير يحيط برستاق يسمى رستاق قُرَّة، وعلم عمرو الفرغاني أن أصحاب قُرَّة قد نذر بهم، فتقدَّمَ إلى دُرَّة، فكمن بها ليلته؛ فلما انفجرَ عمود الصبح صيَّرَ عسكرهُ ثلاثة كراديس، وأمرهم أن يركُضوا ركضًا سريعًا، بقدر ما يأتونهُ بأسير عنده خبر الملك، ووعدهم أن يوافوه به في بعض المواضع التي عرفها الأدلَّاء، ووجَّهَ مع كل كُردوسٍ دليلين.
وخرجوا مع الصبح، فتفرقوا في ثلاثة وجوه؛ فأخذوا عدَّة من الروم؛ بعضهم من أهل عسكر الملك، وبعضهم من الضواحي، وأخذ عمرو رجلًا من الروم من فرسان أهل القرَّة، فسألهُ عن الخبر؛ فأخبره أن الملك وعسكره بالقرب منه وراء اللمس بأربعة فراسخ، وأنَّ صاحب قُرَّة نذر بهم في ليلتهم هذه، وأنه ركب فكمن في هذا الجبل فوق رؤوسهم؛ فلم يزل عمرو في الموضع الذي كانَ وعد فيهِ أصحابه، وأمر الأدلاء معهُ أن يتفرَّقوا في رؤوس الجبال، وأن يشرفوا على الكراديس الذين وجَّههم إشفاقًا أَنْ يخالفهم صاحب قُرة إلى أحد