للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على المعتصم، ومحاربته أهل السفح والأمصار منها (١):

ذكر الخبر عن سبب إظهاره الخلاف على المعتصم وفعله ما فعل من الوثوب بأهل السفح:

ذكر أن السبب في ذلك، كان أن مازيار بن قارن كان منافرًا لآل طاهر، لا يحمل إليهم الخراج؛ وكان المعتصم يكتب إليه يأمره بحمله إلى عبد الله بن طاهر، فيقول: لا أحمله إليه؛ ولكني أحمله إلى أمير المؤمنين، فكان المعتصم إذا حمل المازيار إليه الخراج، يأمر: إذا بلغ المالُ همَذان رجلا من قِبَله أن يستوفيه ويسلّمه إلى صاحب عبد الله بن طاهر ليردّه إلى خراسان، فكانت هذه حاله في السنين كلها. ونافر آل طاهر حتى تفاقم الأمر بينهم.

وكان الأفشين يسمع من المعتصم أحيانًا كلامًا يدلّ على أنه يريد عزل آل طاهر عن خُراسان، فلما ظفر الأفشين ببابك، ونزل من المعتصم المنزلة التي لم يتقدّمه فيها أحدٌ، طمع في ولاية خراسان، وبلغته منافرة مازيار آل طاهر، فرجا أن يكون ذلك سببًا لعزل عبد الله بن طاهر، فدس الأفشين الكتب إلى المازيار يستميله بالدّهقنة، يعلمه ما هو عليه من الموّدة له، وأنه قد وُعد ولاية خراسان؛ فدعا ذلك المازيار إلى ترك حمل خراجه إلى عبد الله بن طاهر، وواتر عبد الله بن طاهر الكتب فيه إلى المعتصم، حتى أوحش المعتصم منه وأغضبه عليه، وحمل ذلك المازيار إلى أن وثب وخالف، ومثه الخراج، وضبط جبال طبّرستان وأطرافه.

وكان ذلك مما يسُرّ الأفشين ويُطمعه في الولاية، فكتب المعتصم إلى عبد الله بن طاهر يأمره بمحاربة مازيار، وكتب الأفشين إلى المازيار يأمره بمحاربة عبد الله بن طاهر، ويُعلمه أنه يقوم له عند المعتصم بما يحب، وكاتبه المازيار أيضًا؛ فلا يشك الأفشين أن المازيار سيواقف عبد الله بن طاهر ويقاومه، حتى يحتاج المعتصم إلى أن يوجّهه وغيره إليه.

فذُكر عن محمد بن حفص الثقَفيّ الطبريّ أنّ المازيار لما عزم على الخلاف،


(١) انظر: خبر المازيار وحروبه باختصار في المنتظم (١١/ ٨٨)، والبداية والنهاية [٨/ ١٧٦]، وانظر: تعليقنا [٩/ ٨٤/ ٢٥٣] الآتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>