دعا الناس إلى البيْعة، فبايعوه كَرْهًا، وأخذ منهم الرهائن، فحبسهم في بُرْج الأصبَهْبذ، وأمر أَكَرَةَ الضياع بالوثوب بأرباب الضياع وانتهاب أموالهم؛ وكان المازيار يكاتب بابك؛ ويحرّضه ويعرض عليه النُّصرة. فلمّا فرغ المعتصم من أمر بابك، أشاع الناس أنّ أمير المؤمنين يريد المسير إلى قَرْماسين، ويوجّه الأفشين إلى الريّ لمحاربة مازيار؛ فلما سمع المازيار بإرجاف الناس بذلك، أمر أن يمسح البلد، خلا مَنْ قاطعَ على ضياعه بزيادة العشرة ئلاثة، ومَن لم يقاطع رجع عليه، فحسب ما عليه من الفَضْل ولم يحسب له النقصان.
ثم أنشأ كتابًا إلى عامله على الخراج، وكان عامله عليه رجلًا يقال له شاذان بن الفضل، نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم: إن الأخبار تواترتْ علينا، وصحّت عندنا بما يرجُف به جُهّال أهل خراسان وطبرستان فينا، ويولّدون علينا من الأخبار ويحملون عليه رؤوسهم، من التعصّب لدولتنا، والطعن في تدبيرنا، والمرّاسلة لأعدائنا وتوقّع الفتن، وانتظار الدوائر فينا، جاحدين للنعم مستقلّين للأمن والدّعة والرفاهية والسعة التي آثرهم الله بها، فما يردُ الرّيَّ قائد ولا مشرّق ولا مغرّب، ولا يأتينا رسول صغير ولا كبير إلا قالوا كيت وكيت، ومدُّوا أعناقهم نحوه، وخاضوا فيما قد كذّب الله أحدوثتهم، وخيّب [أمانيهم] فيه مرّة بعد مرة، فلا تنهاهم الأولى عن الآخرة، ولا يزجرهم عن ذلك تقيّة ولا خشية، كلّ ذلك نُغضي عليه، ونتجرّع مكروهه، استبقاءً على كافتهم، وطلبًا للصلاح والسلامة لهم إلحاحًا، فلا يزيدهم استبقاؤنا إلا لجاجًا، ولا كفُنا عن تأديبهم إلا إغراءً إن أخَّرنا عنهم افتتاح الخراج نظرًا لهم ورفقًا بهم، قالوا: معزول، وإن بادرنا به قالوا: لحادث أمر؛ لا يزدجرون عن ذلك بالشدّة إن أغلظنا، ولا برفق إن أنعمنا؛ والله حسبُنا وهو ولينا؛ وعليه نتوكل وإليه ننيب، وقد أمرنا بالكتاب إلى بندار آمُل والرويان في استغلاق الخراج في عملهما، وأجّلناهما في ذلك إلى سَلْخ تيرماه، فاعلم ذلك، وجرّدْ جبايتك، واستخرج ما على أهل ناحيتك كمَلا، ولا يمضين عنك تيرماه، ولك درهم باقٍ؛ فإنك إن خالفت ذلك إلى غيره لم يكن جزاؤك عندنا إلا الصلب، فانظر لنفسك، وحامٍ عن مهجتك، وشمر في أمرك، وتابع كتابك إلى العباس. وإياك والتغرير؛ واكتب بما يحدث منك من